قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: فَاعْتَرَضَ مَنْ لَمْ يَتَّقِ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ وَلَا اسْتَحْيَا مِنْ الْكَذِبِ فِي هَذَا فَقَالَ: إنَّمَا كَلَّفَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خَاتَمًا مِنْ حَدِيدٍ مُزَيَّنًا يُسَاوِي عَشَرَةَ دَرَاهِمَ مِنْ فِضَّةٍ، أَوْ ثَلَاثَةَ دَرَاهِمَ مِنْ فِضَّةٍ خَالِصَةٍ - فَقَوْلٌ يُضْحِكُ الثَّكْلَى وَيُسِيءُ الظَّنَّ بِقَائِلِهِ؛ لِأَنَّهَا مُجَاهَرَةٌ بِمَا لَمْ يَكُنْ قَطُّ، وَلَا خَلَقَهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ قَطُّ فِي الْعَالَمِ أَنْ تَكُونَ حَلْقَةً مِنْ حَدِيدٍ وَزْنُهَا دِرْهَمَانِ تُسَاوِي مَا ذَكَرُوا وَلَا سِيَّمَا فِي الْمَدِينَةِ " وَقَدْ عَلِمَ كُلُّ ذِي حَظٍّ مِنْ التَّمْيِيزِ أَنَّ مُرُورَهُمْ وَمَسَاحِيَهُمْ لِحَفِيرِ الْأَرْضِ، وَشَوَافِرَهُمْ وَفُؤُوسَهُمْ لِقَطْعِ الْحَطَبِ، وَمَنَاجِلَهُمْ لِعَمَلِ النَّخْلِ، وَحَصَادِ الزَّرْعِ، وَسِكَكَهُمْ لِلْحَرْثِ، وَمَزَابِرَهُمْ لِلزَّرْجُونِ، وَدُرُوعَهُمْ وَرِمَاحَهُمْ، كُلُّ ذَلِكَ مِنْ حَدِيدٍ فَمِنْ أَيْنَ اسْتَحَلُّوا أَنْ يُخْبِرُوا عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِهَذِهِ الْكِذْبَةِ السَّخِيفَةِ؟ وَنَسْأَلُ اللَّهَ الْعَافِيَةَ.
وَإِنَّ مَنْ لَجَأَ إلَى الْمُحَالِ الْمُمْتَنِعِ فِي نَصْرِ بَاطِلِهِ، لَقَدْ يَدُلُّ فِعْلُهُ هَذَا عَلَى صِفَاتِ سُوءٍ فِي الدِّينِ، وَالْحَيَاءِ وَالْعَقْلِ.
وَاعْتَرَضُوا عَلَى أَنْ يَكُونَ الصَّدَاقُ تَعْلِيمَ الْقُرْآنِ بِخَبَرٍ: رُوِّينَاهُ مِنْ طَرِيقِ ابْنِ أَبِي شَيْبَةَ نا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ نا أَبَانُ بْنُ يَزِيدَ الْعَطَّارُ حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَبِي سَلَامٍ عَنْ أَبِي رَاشِدٍ الْحُبْرَانِيِّ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ شِبْلٍ الْأَنْصَارِيِّ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ: «اقْرَءُوا الْقُرْآنَ وَلَا تَغْلُوا فِيهِ وَلَا تَجْفُوَا عَنْهُ وَلَا تَأْكُلُوا بِهِ وَلَا تَسْتَكْثِرُوا بِهِ» .
وَبِالْخَبَرِ الَّذِي رُوِّينَاهُ مِنْ طَرِيقِ «أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ أَنَّهُ عَلَّمَ رَجُلًا الْقُرْآنَ فَأَهْدَى إلَيْهِ فَرَسًا، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَتُحِبُّ أَنْ تَأْتِيَ اللَّهَ فِي عُنُقِكَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ نَارٌ» .
وَفِي بَعْضِ أَلْفَاظِهِ «إنْ كُنْتَ تُحِبُّ أَنْ تُطَوَّقَ طَوْقًا مِنْ نَارٍ فَاقْبَلْهَا» وَفِي بَعْضِهَا «جَمْرَةً بَيْنَ كَتِفَيْكَ تُقَلَّدُ بِهَا أَوْ تُعَلِّقُهَا» .
قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: وَهَذِهِ آثَارٌ وَاهِيَةٌ لَا تَصِحُّ -: أَمَّا حَدِيثُ «لَا تَأْكُلُوا بِهِ» فَرِوَايَةُ أَبِي رَاشِدٍ الْحُبْرَانِيِّ - وَهُوَ مَجْهُولٌ. ثُمَّ لَوْ صَحَّ لَمْ تَكُنْ لَهُمْ بِهِ حُجَّةٌ، لِأَنَّ الْأَكْلَ أَكَلَانِ: أَكْلٌ بِحَقٍّ، وَأَكْلٌ بِبَاطِلٍ، فَالْأَكْلُ بِحَقٍّ حَسَنٌ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute