قُلْنَا: أَمَّا هَذَانِ الْخَبَرَانِ فَهُمَا خِلَافُ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ، وَأَصْحَابِهِ، كَاَلَّذِي قَدَّمْنَا وَلَا فَرْقَ.
وَأَمَّا الشَّافِعِيُّ فَلَا حُجَّةَ لَهُ فِي هَذَيْنِ الْخَبَرَيْنِ لِوَجْهَيْنِ -:
أَحَدُهُمَا - أَنَّهُ وَإِنْ ذُكِرَ فِيهِمَا صَدَاقٌ أَوْ لِإِحْدَاهُمَا فَإِنَّهُ يُبْطِلُ ذَلِكَ الصَّدَاقَ جُمْلَةً بِكُلِّ حَالٍ، وَلَيْسَ هَذَا فِي هَذَيْنِ الْخَبَرَيْنِ فَقَدْ خَالَفَ مَا فِيهِمَا.
وَالْوَجْهُ الْآخَرُ - وَهُوَ الَّذِي نَعْتَمِدُ عَلَيْهِ - وَهُوَ أَنَّ هَذَيْنِ الْخَبَرَيْنِ إنَّمَا فِيهِمَا تَحْرِيمُ الشِّغَارِ الَّذِي لَمْ يُذْكَرْ فِيهَا الصَّدَاقُ فَقَطْ، وَلَيْسَ فِيهِ ذِكْرُ الشِّغَارِ الَّذِي ذُكِرَ فِيهِ الصَّدَاقُ - لَا بِتَحْرِيمٍ وَلَا بِإِجَازَةٍ - وَمَنْ ادَّعَى ذَلِكَ فَقَدْ ادَّعَى الْكَذِبَ وَقَوَّلَ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَا لَمْ يَقُلْهُ قَطُّ، فَوَجَبَ أَنْ نَطْلُبَ حُكْمَ الشِّغَارِ الَّذِي ذُكِرَ فِيهِ الصَّدَاقُ فِي غَيْرِ هَذَيْنِ الْخَبَرَيْنِ: فَوَجَدْنَا خَبَرَ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَجَابِرٍ قَدْ وَرَدَا بِعُمُومِ الشِّغَارِ، وَبَيَانِ أَنَّهُ الزَّوَاجُ بِالزَّوَاجِ، وَلَمْ يُشْتَرَطْ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - فِيهِمَا ذِكْرُ صَدَاقٍ وَلَا السُّكُوتُ عَنْهُ، فَكَانَ خَبَرُ أَبِي هُرَيْرَةَ زَائِدًا عَلَى خَبَرِ ابْنِ عُمَرَ، وَخَبَرُ أَنَسٍ زِيَادَةُ عُمُومٍ لَا يَحِلُّ تَرْكُهَا.
قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: وَقَدْ صَحَّ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «كُلُّ شَرْطٍ لَيْسَ فِي كِتَابِ اللَّهِ فَهُوَ بَاطِلٌ» .
وَوَجَدْنَا الشِّغَارَ - ذُكِرَ فِيهِ صَدَاقٌ أَوْ لَمْ يُذْكَرْ - قَدْ اشْتَرَطَا فِيهِ شَرْطًا لَيْسَ فِي كِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فَهُوَ بَاطِلٌ بِكُلِّ حَالٍ. وَرُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ أَبِي دَاوُد السِّجِسْتَانِيِّ نا مُحَمَّدُ بْنُ فَارِسٍ نا يَعْقُوبُ بْنُ إبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدِ بْنِ إبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ نا أَبِي عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ نا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ هُرْمُزَ الْأَعْرَجُ قَالَ: «إنَّ الْعَبَّاسَ بْنِ الْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ أَنْكَحَ ابْنَتَهُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ الْحَكَمِ بْنِ أَبِي الْعَاصِ بْنِ أُمَيَّةَ، وَأَنْكَحَهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute