للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَلَمْ يُحَرِّمْ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ الرَّبِيبَةَ بِنْتَ الزَّوْجَةِ أَوْ الْأَمَةِ إلَّا بِالدُّخُولِ بِهَا، وَأَنْ تَكُونَ هِيَ فِي حِجْرِهِ، فَلَا تَحْرُمُ إلَّا بِالْأَمْرَيْنِ مَعًا، لِقَوْلِهِ تَعَالَى بَعْدَ أَنْ ذَكَرَ مَا حَرَّمَ مِنْ النِّسَاءِ: {وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ} [النساء: ٢٤] .

{وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيًّا} [مريم: ٦٤] .

وَكَوْنُهَا فِي حِجْرِهِ يَنْقَسِمُ قِسْمَيْنِ -: أَحَدُهُمَا: سُكْنَاهَا مَعَهُ فِي مَنْزِلِهِ، وَكَوْنُهُ كَافِلًا لَهَا.

وَالثَّانِي:

نَظَرُهُ إلَى أُمُورِهَا نَحْوَ الْوِلَايَةِ لَا بِمَعْنَى الْوَكَالَةِ، فَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْ هَذَيْنِ الْوَجْهَيْنِ يَقَعُ بِهِ عَلَيْهَا كَوْنُهَا فِي حِجْرِهِ.

وَأَمَّا أُمُّهَا فَيُحَرِّمُهَا عَلَيْهِ بِالْعَقْدِ جُمْلَةً: قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى: {وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ} [النساء: ٢٣] فَأَجْمَلَهَا عَزَّ وَجَلَّ فَلَا يَجُوزُ تَخْصِيصُهَا.

وَفِي كُلِّ ذَلِكَ اخْتِلَافٌ قَدِيمٌ وَحَدِيثٌ -: ذَهَبَتْ طَائِفَةٌ إلَى أَنَّ الْأُمَّ لَا تَحْرُمُ إلَّا بِالدُّخُولِ بِالِابْنَةِ -: كَمَا رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ خِلَاسٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ أَنَّهُ سُئِلَ فِي رَجُلٍ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ قَبْلَ أَنْ يَدْخُلَ بِهَا أَلَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَ أُمَّهَا؟ فَقَالَ عَلِيٌّ: هُمَا بِمَنْزِلَةٍ وَاحِدَةٍ يَجْرِيَانِ مَجْرًى وَاحِدًا إنْ طَلَّقَ الِابْنَةَ قَبْلَ الدُّخُولِ بِهَا تَزَوَّجَ أُمَّهَا، وَإِنْ تَزَوَّجَ أُمَّهَا طَلَّقَهَا قَبْلَ أَنْ يَدْخُلَ بِهَا: تَزَوَّجَ ابْنَتَهَا، وَهَذَا صَحِيحٌ عَنْ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -.

نا أَحْمَدُ بْنُ عُمَرَ بْنِ أَنَسٍ الْعُذُرِيُّ نا أَبُو ذَرٍّ الْهَرَوِيُّ نا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَمَوَيْهِ السَّرَخْسِيُّ نا إبْرَاهِيمُ بْنُ خُرَيْمٍ نا عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ نا عَبْدُ الرَّزَّاقِ نا مَعْمَرٌ عَنْ سِمَاكِ بْنِ الْفَضْلِ - هُوَ قَاضِي صَنْعَاءَ - قَالَ: قَالَ ابْنُ الزُّبَيْرِ: الرَّبِيبَةُ، وَالْأُمُّ سَوَاءٌ لَا بَأْسَ بِهِمَا إذَا لَمْ يَكُنْ دَخَلَ بِالْمَرْأَةِ.

وَمِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ أَخْبَرَنِي أَبُو بَكْرِ بْنُ حَفْصٍ - هُوَ ابْنُ عُمَرَ بْنِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ - عَنْ مُسْلِمِ بْنِ عُوَيْمِرٌ مِنْ بَنِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ مَنَاةَ مِنْ كِنَانَةَ أَنَّهُ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ أَنْكَحَهُ أَبُوهُ امْرَأَةً بِالطَّائِفِ، قَالَ فَلَمْ أَمَسَّهَا حَتَّى تُوُفِّيَ عَمِّي عَنْ أُمِّهَا - وَأُمُّهَا ذَاتُ مَالٍ كَثِيرٍ - فَقَالَ لِي أَبِي: هَلْ لَك فِي أُمِّهَا؟ قَالَ: فَسَأَلْت ابْنَ عَبَّاسٍ، وَأَخْبَرْته الْخَبَرَ؟ فَقَالَ: انْكِحْ أُمَّهَا - وَذَكَرَ بَاقِيَ الْخَبَرِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>