الْأَوْلَادُ إلَّا أَحْرَارًا أَوْ مَمَالِيكَ، وَلَا سَبِيلَ إلَى قِسْمٍ ثَالِثٍ، فَلَعَمْرِي لَئِنْ كَانُوا أَحْرَارًا مُذْ وُلِدُوا فَمَا يَحِلُّ لِسَيِّدِ أُمِّهِمْ أَخْذُ قِيمَةِ حُرٍّ، وَلَا يَحِلُّ أَنْ يَغْرَمَ أَبُوهُمْ فِي قِيمَتِهِمْ ثَمَنًا أَصْلًا.
رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ الْبُخَارِيِّ نا بِشْرُ بْنُ مَرْحُومٍ نا يَحْيَى بْنُ سُلَيْمٍ عَنْ إسْمَاعِيلَ بْنِ أُمَيَّةَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ: «ثَلَاثَةٌ أَنَا خَصْمُهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ - فَذَكَرَ فِيهِمْ -: وَرَجُلٌ بَاعَ حُرًّا فَأَكَلَ ثَمَنَهُ» .
وَإِنْ كَانُوا مَمَالِيكَ فَمَا يَحِلُّ لِأَحَدٍ إجْبَارُ إنْسَانٍ عَلَى بَيْعِ مَمَالِيكِهِ بِغَيْرِ نَصٍّ مِنْ قُرْآنٍ، أَوْ سُنَّةٍ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ -
ثُمَّ عَجَبٌ آخَرُ - وَهُوَ إلْزَامُهُ قِيمَةَ الْأَحْيَاءِ مِنْهُمْ دُونَ مَنْ مَاتَ مِنْهُمْ، ثُمَّ ارْتِجَاعُهُ بِمَا غَرِمَ عَلَى مَنْ غَرَّهُ مِنْ قِيمَةِ الْأَوْلَادِ وَلَا يَرُدُّونَهُ بِمَا غَرِمَ مِنْ الصَّدَاقِ - فَأَتَوْا بِغَرِيبَةٍ، قَالُوا: لِأَنَّهُ قَدْ اسْتَعَاضَ بَعْضَهَا؟ فَقُلْنَا: وَقَدْ اسْتَعَاضَ أَوْلَادًا أَحْرَارًا، فَلَا تَرُدُّوهُ عَلَى مَنْ غَرَّهُ بِذَلِكَ.
قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: وَقَدْ جَاءَتْ عَنْ السَّلَفِ فِي هَذَا آثَارٌ -: رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ عَنْ حُمَيْدٍ قَالَ: بَاعَ رَجُلٌ جَارِيَةً لِأَبِيهِ فَتَسَرَّاهَا الْمُشْتَرِي فَوَلَدَتْ لَهُ أَوْلَادًا فَجَاءَ أَبُوهُ فَخَاصَمَهُ إلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فَرَدَّهَا وَوَلَدَهَا إلَيْهِ، فَقَالَ الْمُشْتَرِي: دَعْ لِي وَلَدِي؟ فَقَالَ: دَعْ لَهُ وَلَدَهُ.
وَرُوِّينَاهُ بِلَفْظٍ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ عُمَرَ قَضَى بِالْخَلَاصِ عَلَى الْبَائِعِ.
كَمَا رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ سَعِيدِ بْنِ مَنْصُورٍ نَا هُشَيْمٌ قَالَ أَنَا حُمَيْدٌ الطَّوِيلُ عَنْ الْحَسَنِ أَنَّ رَجُلًا بَاعَ جَارِيَةً لِأَبِيهِ وَأَبُوهُ غَائِبٌ، فَلَمَّا قَدِمَ أَبَى أَنْ يُجِيزَ بَيْعَ ابْنِهِ وَقَدْ وَلَدَتْ مِنْ الْمُشْتَرِي فَاخْتَصَمُوا إلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ؟ فَقَضَى لِلرَّجُلِ بِجَارِيَتِهِ وَأَمَرَ الْمُشْتَرِيَ أَنْ يَأْخُذَ بَيْعَهُ بِالْخَلَاصِ فَلَزِمَهُ؟ فَقَالَ أَبُو الْبَائِعِ: مُرْهُ فَلْيُخَلِّ عَنْ ابْنِي؟ فَقَالَ عُمَرُ: وَأَنْتَ فَخَلِّ عَنْ ابْنِهِ.
قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: هَذِهِ شَفَاعَةٌ مِنْ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لِأَنَّهُ قَدْ قَضَى لَهُ بِمِلْكِهِمْ أَوْ قَضَى مِنْهُ بِالْخَلَاصِ.
وَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ نَبَاتٍ نا عَبَّاسُ بْنُ أَصْبَغَ نا مُحَمَّدُ بْنُ قَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ السَّلَامِ الْخُشَنِيُّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute