وَيُبَاعُ عَلَيْهِ فِي كُلِّ مَا ذَكَرْنَا مَا بِهِ عَنْهُ غِنًى مِنْ عَقَارِهِ وَعُرُوضِهِ وَحَيَوَانِهِ وَلَا يُبَاعُ عَلَيْهِ مِنْ ذَلِكَ مَا إنْ بِيعَ عَلَيْهِ هَلَكَ وَضَاعَ، فَمَا كَانَ هَكَذَا لَمْ يُبَعْ إلَّا فِيمَا فِي نَفْسِهِ إلَيْهِ ضَرُورَةً إنْ، لَمْ يَتَدَارَكْهَا بِذَلِكَ هَلَكَ، وَلَا يُشَارِكُ الْوَالِدَ أَحَدٌ فِي النَّفَقَةِ عَلَى وَلَدِهِ الْأَدْنَيْنَ فَقَطْ.
وَهَذَا مَكَانٌ اُخْتُلِفَ فِيهِ: فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: لَا يُجْبَرُ أَحَدٌ عَلَى نَفَقَةِ أَحَدٍ، كَمَا حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عُمَرَ بْنِ أَنَسٍ الْعُذُرِيُّ نَا أَبُو الْهَرَوِيُّ نا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَمَّوَيْهِ السَّرَخْسِيُّ نا إبْرَاهِيمُ بْنُ خُرَيْمٍ نا عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ الْكَشِّيُّ نا قَبِيصَةُ عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ عَنْ أَشْعَثَ عَنْ الشَّعْبِيِّ، قَالَ: مَا رَأَيْتُ أَحَدًا أَجْبَرَ أَحَدًا عَلَى أَحَدٍ - يَعْنِي عَلَى نَفَقَتِهِ.
وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: لَا يُنْفِقُ أَحَدٌ إلَّا عَلَى الْوَالِدِ الْأَدْنَى، وَالْأُمِّ الَّتِي وَلَدَتْهُ مِنْ بَطْنِهَا هَذَيْنِ - يَعْنِي الْأَبَوَيْنِ - يُجْبَرُ الذَّكَرُ وَالْأُنْثَى مِنْ الْوَلَدِ عَلَى النَّفَقَةِ عَلَيْهِمَا إذَا كَانَا فَقِيرَيْنِ، وَيُجْبَرُ الرَّجُلُ دُونَ الْمَرْأَةِ عَلَى النَّفَقَةِ عَلَى الْوَلَدِ الْأَدْنَى الذَّكَرِ حَتَّى يَبْلُغَ فَقَطْ، وَعَلَى الْبِنْتِ الدُّنْيَا - وَإِنْ بَلَغَتْ - حَتَّى يُزَوِّجَهَا فَقَطْ.
وَلَا تُجْبَرُ الْأُمُّ عَلَى نَفَقَةِ وَلَدِهَا - وَإِنْ مَاتَ جُوعًا - وَهِيَ فِي غَايَةِ الْغِنَى.
قَالَ: وَلَا يُنْفِقُ عَلَى أَبَوَيْهِ إلَّا مَا فَضَلَ عَنْ نَفَقَتِهِ وَنَفَقَةِ زَوْجَتِهِ - وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ وَمَنْ قَلَّدَهُ.
وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: يُجْبَرُ عَلَى النَّفَقَةِ عَلَى الْأَبَوَيْنِ وَالْأَجْدَادِ وَالْجَدَّاتِ - وَإِنْ بَعُدُوا - وَعَلَى بَنِيهِ وَبَنَاتِهِ وَمَنْ تَنَاسَلَ مِنْهُمْ - وَإِنْ سَفَلَ - وَلَا يُجْبَرُ عَلَى نَفَقَةِ أَحَدٍ غَيْرَ مَنْ ذَكَرْنَا - وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ وَمَنْ قَلَّدَهُ - وَقَدْ أَشَارَ فِي بَعْضِ كَلَامِهِ إلَى أَنَّ الْمَرْأَةَ لَا تُجْبَرُ عَلَى نَفَقَةِ أَبٍ، وَلَا أُمٍّ، وَلَا غَيْرِهِمَا.
وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: لَا يُجْبَرُ أَحَدٌ إلَّا عَلَى كُلِّ ذِي رَحِمٍ مَحْرَمَةٍ وَهُوَ قَوْلُ حَمَّادِ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ - وَبِهِ يَقُولُ أَبُو حَنِيفَةَ إلَّا أَنَّهُ تَنَاقَضَ تَنَاقُضًا شَنِيعًا، قَالَ: يُجْبَرُ الرَّجُلُ عَلَى النَّفَقَةِ عَلَى أَوْلَادِهِ الصِّغَارِ الْمُحْتَاجِينَ خَاصَّةً - ذُكُورًا كَانُوا أَوْ إنَاثًا - فَإِنْ كَانُوا كِبَارًا مُحْتَاجِينَ أُجْبِرَ عَلَى نَفَقَةِ الْإِنَاثِ مِنْهُمْ وَلَمْ يُجْبَرْ عَلَى نَفَقَةِ الذُّكُورِ إلَّا أَنْ يَكُونُوا زَمْنَى.
فَإِنْ كَانُوا زَمْنَى مُحْتَاجِينَ أُجْبِرَ عَلَى النَّفَقَةِ عَلَيْهِمْ، وَكَذَلِكَ يُجْبَرُ عَلَى نَفَقَةِ الصِّغَارِ الْمُحْتَاجِينَ مِنْ الذُّكُورِ وَالْإِنَاثِ وَالْكِبَارِ وَالْفَقِيرَاتِ مِنْ النِّسَاءِ خَاصَّةً - وَإِنْ لَمْ يَكُنَّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute