للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كَانَ ذَلِكَ فِي رِضًا لَمْ يَجْرِ فِيهِ ذِكْرُ طَلَاقٍ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهُ مَعَ يَمِينِهِ، وَلَا خِيَارَ لَهَا - فَإِنْ كَانَ فِي غَضَبٍ فِيهِ ذِكْرُ طَلَاقٍ أَوْ لَيْسَ فِيهِ ذِكْرُ طَلَاقٍ، أَوْ كَانَ فِي رِضًا ذُكِرَ فِيهِ طَلَاقٌ لَمْ يُلْتَفَتْ إلَى دَعْوَى الزَّوْجِ، وَكَانَ لَهَا الْخِيَارُ، فَإِنْ اخْتَارَتْ زَوْجَهَا فَهِيَ امْرَأَتُهُ، وَبَطَلَ خِيَارُهَا، وَإِنْ اخْتَارَتْ نَفْسَهَا فَهِيَ طَالِقٌ وَاحِدَةً بَائِنَةً، لَا تَكُونُ رَجْعِيَّةً أَصْلًا، وَلَا أَكْثَرَ مِنْ وَاحِدَةٍ، سَوَاءٌ نَوَى هُوَ أَكْثَرَ مِنْ وَاحِدَةٍ أَوْ لَمْ يَنْوِ، اخْتَارَتْ هِيَ أَكْثَرَ مِنْ وَاحِدَةٍ، أَوْ اخْتَارَتْ وَاحِدَةً رَجْعِيَّةً.

ثُمَّ لَهُمْ مِنْ التَّخَالِيطِ فِي حَرَكَاتِهَا وَأَعْمَالِهَا أَشْيَاءُ يَطُولُ ذِكْرُهَا، إلَّا أَنَّهَا مِنْ عَجَائِبِ الدُّنْيَا، قَدْ ذَكَرْنَاهَا فِي " كِتَابِ الْإِيصَالِ ".

وَقَالَ مَالِكٌ: إنْ خَيَّرَهَا فَاخْتَارَتْهُ، فَهِيَ امْرَأَتُهُ وَقَدْ بَطَلَ خِيَارُهَا، فَإِنْ اخْتَارَتْ نَفْسَهَا فَهِيَ طَالِقٌ ثَلَاثًا وَلَا بُدَّ، سَوَاءٌ قَالَتْ: أَرَدْت الطَّلَاقَ، أَوْ قَالَتْ: لَمْ أُرِدْ الطَّلَاقَ، وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُنَاكِرَهَا، وَلَا يُلْتَفَتُ إلَى نِيَّتِهِ أَصْلًا، فَلَوْ طَلَّقَتْ نَفْسَهَا وَاحِدَةً أَوْ اثْنَتَيْنِ فَلَيْسَ بِشَيْءٍ، وَلَا يَلْزَمُهُ ذَلِكَ وَلَيْسَ لَهَا إلَّا اخْتِيَارُ زَوْجِهَا، أَوْ أَنْ تُطَلِّقَ نَفْسَهَا ثَلَاثًا وَلَا بُدَّ، إلَّا أَنْ يُخَيِّرَهَا وَقَدْ عَزَمَ عَلَى طَلَاقِهَا، أَوْ مُخَالَعَتِهَا؟ فَهَاهُنَا إنْ اخْتَارَتْ نَفْسَهَا فَهِيَ طَلْقَةٌ وَاحِدَةٌ بَائِنَةٌ - وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ لَهَا: اخْتَارِي طَلْقَةً؟ فَلَيْسَ لَهَا إلَّا طَلْقَةٌ وَاحِدَةٌ رَجْعِيَّةٌ - هَذَا كُلُّهُ فِي الْمَدْخُولِ بِهَا.

فَإِنْ خَيَّرَهَا قَبْلَ أَنْ يَدْخُلَ بِهَا؟ فَهِيَ إنْ اخْتَارَتْ نَفْسَهَا طَلْقَةً وَاحِدَةً فَقَطْ - فَلَوْ قَالَتْ الَّتِي لَمْ يَدْخُلْ بِهَا: قَدْ اخْتَرْت نَفْسِي بِثَلَاثِ طَلْقَاتٍ؟ فَقَالَ هُوَ: لَمْ أُرِدْ إلَّا وَاحِدَةً، فَهِيَ وَاحِدَةٌ.

وَقَالَ: فَلَوْ قَالَتْ الْمَدْخُولُ بِهَا: قَدْ قَبِلْت أَمْرِي؟ لَمْ يَكُنْ طَلَاقًا إلَّا أَنْ تَقُولَ هِيَ: أَرَدْت الطَّلَاقَ فَيَكُونُ ثَلَاثًا وَلَا بُدَّ، لَا أَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ.

فَلَوْ قَالَتْ لَهُ: قَدْ خَلَّيْت سَبِيلَك، فَهِيَ ثَلَاثٌ وَلَا بُدَّ.

وَاخْتَلَفَ قَوْلُهُ فِي الْمُخَيَّرَةِ تَقُومُ مِنْ مَجْلِسِ التَّخْيِيرِ قَبْلَ أَنْ تَخْتَارَ؟ فَمَرَّةً قَالَ: بَطَلَ خِيَارُهَا بِخِلَافِ التَّمْلِيكِ، ثُمَّ رَجَعَ فَقَالَ: بَلْ لَهَا الْخِيَارُ حَتَّى تُوقَفَ فَتَخْتَارَ أَوْ تَتْرُكَ، فَلَوْ وَطِئَهَا مُكْرَهَةً لَمْ يَبْطُلْ خِيَارُهَا، فَلَوْ وَطِئَهَا طَائِعَةً بَطَلَ خِيَارُهَا.

قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: ذِكْرُ هَذِهِ الْأَقْوَالِ يُغْنِي عَنْ تَكَلُّفِ الرَّدِّ عَلَيْهَا، لِشِدَّةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>