مَدْخُولًا بِهَا فَهِيَ طَالِقٌ ثَلَاثًا قَبِلُوهَا أَوْ لَمْ يَقْبَلُوهَا - وَإِنْ كَانَتْ غَيْرَ مَدْخُولٍ بِهَا فَهِيَ وَاحِدَةٌ فَقَطْ - قَبِلُوهَا أَوْ رَدُّوهَا. وَقَوْلٌ عَاشِرٌ - رَوَيْنَاهُ عَنْ الشَّافِعِيِّ قَالَ: مَنْ وَهَبَ امْرَأَتَهُ لِأَهْلِهَا فَلَهُ نِيَّتُهُ فِي الْفُتْيَا وَالْقَضَاءِ، فَإِنْ قَالَ: لَمْ أَنْوِ طَلَاقًا لَمْ يَلْزَمْهُ طَلَاقٌ، وَإِنْ قَالَ: نَوَيْت ثَلَاثًا فَهِيَ ثَلَاثٌ، وَإِنْ قَالَ: نَوَيْت اثْنَتَيْنِ فَهِيَ اثْنَتَانِ رَجْعِيَّتَانِ، وَإِنْ قَالَ: نَوَيْت وَاحِدَةً فَهِيَ وَاحِدَةٌ رَجْعِيَّةٌ. وَقَوْلٌ حَادِيَ عَشَرَ - وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ، قَالَ: إنْ قَالَهُ لِامْرَأَتِهِ: قَدْ وَهَبْتُك لِأَهْلِك، أَوْ قَالَ: لِأَبِيك، أَوْ قَالَ: لِأُمِّك، أَوْ قَالَ: لِلْأَزْوَاجِ؟ فَإِنْ كَانَ هَذَا فِي غَضَبٍ، أَوْ جَوَابًا لَهَا إذْ سَأَلَتْهُ الطَّلَاقَ، ثُمَّ قَالَ: لَمْ أَنْوِ الطَّلَاقَ: صُدِّقَ وَلَمْ يَلْزَمْهُ طَلَاقٌ فِي الْفُتْيَا، وَفِي الْقَضَاءِ. وَإِنْ قَالَ: نَوَيْت بِذَلِكَ الطَّلَاقَ - فَإِنْ نَوَى ثَلَاثًا فَهِيَ ثَلَاثٌ، وَإِنْ نَوَى اثْنَتَيْنِ بِاثْنَتَيْنِ، أَوْ رَجْعِيَّتَيْنِ، أَوْ وَاحِدَةً بَائِنَةً، أَوْ رَجْعِيَّةً، لَمْ يَكُنْ فِي كُلِّ ذَلِكَ إلَّا وَاحِدَةً بَائِنَةً فَقَطْ، لَا أَكْثَرَ. قَالَ: فَلَوْ قَالَ لَهَا: وَهَبْتُك لِخَالَتِك، أَوْ قَالَ لِزَيْدٍ، أَوْ لِفُلَانٍ - وَذَكَرَ أَجْنَبِيًّا فَلَيْسَ ذَلِكَ بِشَيْءٍ، وَلَا يَلْزَمُهُ بِذَلِكَ طَلَاقٌ - سَوَاءٌ نَوَى بِذَلِكَ طَلَاقًا ثَلَاثًا أَوْ أَقَلَّ؛ أَوْ لَمْ يَنْوِ طَلَاقًا - كَانَ ذَلِكَ فِي غَضَبٍ أَوْ فِي جَوَابِ سُؤَالِهَا إيَّاهُ الطَّلَاقَ، أَوْ لَمْ يَكُنْ - وَلَا مَعْنَى لِحُكْمِ أَهْلِهَا الَّذِينَ وَهَبَهَا لَهُمْ فِي ذَلِكَ. وَقَوْلٌ ثَانِيَ عَشَرَ - وَهُوَ أَنَّ كُلَّ ذَلِكَ بَاطِلٌ لَا يَلْزَمُهُ بِهِ طَلَاقٌ أَصْلًا - نَوَاهُ أَوْ لَمْ يَنْوِهِ - وَهُوَ أَبِي ثَوْرٍ، وَأَبِي سُلَيْمَانَ، وَأَصْحَابِنَا. قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: أَمَّا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ - فَآبِدَةٌ مِنْ أَوَابِدِ الدَّهْرِ، وَتَفْرِيقُ مَا سَمِعَ بِأَسْخَفَ مِنْهُ، كُلُّ ذَلِكَ بِلَا دَلِيلٍ يُعْقَلُ، وَلَا قِيَاسٍ يُضْبَطُ، وَلَا رَأْيٍ لَهُ وَجْهٌ، وَلَا نَعْلَمُهُ عَنْ أَحَدٍ قَبْلَهُ، لَا سِيَّمَا إذَا أُضِيفَ هَذَا الْقَوْلُ إلَى قَوْلِهِ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ فِي التَّخْيِيرِ وَالتَّمْلِيكِ وَتِلْكَ التَّفَارِيقِ السَّخِيفَةِ. وَأَمَّا قَوْلُ مَالِكٍ بَيْنَ الْمَدْخُولِ بِهَا وَغَيْرِ الْمَدْخُولِ بِهَا فِي التَّفْرِيقِ - فَمَا يُعْلَمُ عَنْ أَحَدٍ قَبْلَهُ، وَمَا نَدْرِي مِنْ أَيْنَ وَقَعَ لَهُمْ بِالْهِبَةِ أَنْ تَكُونَ طَالِقًا ثَلَاثًا؟ وَقَالُوا: الْمَدْخُولُ بِهَا لَا يُحَرِّمُهَا إلَّا الثَّلَاثُ؟ فَقُلْنَا: وَقَدْ يُحَرِّمُهَا عِنْدَكُمْ الْوَاحِدَةُ الْبَائِنَةُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute