لِأَنَّهَا حَبَسَتْ نَفْسَهَا عَلَيْهِ - قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: إذًا يُجْحِفُ ذَلِكَ بِالْوَرَثَةِ، وَلَكِنْ تَسْتَدِينُ، فَإِنْ جَاءَ زَوْجُهَا أَخَذَتْ مِنْ مَالِهِ، فَإِنْ مَاتَ قَضَتْ مِنْ نَصِيبِهَا مِنْ الْمِيرَاثِ - ثُمَّ قَالَا جَمِيعًا يُنْفَقُ عَلَيْهَا بَعْدَ الْأَرْبَعِ سِنِينَ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا مِنْ جَمِيعِ الْمَالِ.
قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: هَذَا صَحِيحٌ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَابْنِ عُمَرَ.
وَرُوِيَ عَنْ عُمَرَ غَيْرُ هَذَا مِنْ طَرِيقٍ لَا تَصِحُّ فِيهَا الْحَجَّاجُ بْنُ أَرْطَاةَ أَنَّ عُمَرَ أَمَرَ امْرَأَةَ الْمَفْقُودِ أَنْ تَتَرَبَّصَ أَرْبَعَ سِنِينَ مِنْ حِينِ تَرْفَعُ أَمْرَهَا إلَيْهِ، فَإِذَا أَتَمَّتْهَا طَلَّقَهَا وَلِيُّهُ عَنْهُ، ثُمَّ تَعْتَدُّ بَعْدَ ذَلِكَ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا، ثُمَّ تَتَزَوَّجُ، فَإِنْ جَاءَ زَوْجُهَا - وَقَدْ تَزَوَّجَتْ - خَيَّرَهُ عُمَرُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ صَدَاقِهَا.
وَرُوِيَ عَنْ عُمَرَ غَيْرُ هَذَا كُلِّهِ أَيْضًا مِنْ طُرُقٍ لَا تَصِحُّ، لِأَنَّ فِيهَا عَبْدَ الْمَلِكِ بْنَ أَبِي سُلَيْمَانَ الْعَرْزَمِيَّ وَهِيَ أَيْضًا مُرْسَلَةٌ عَنْ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ - قَالَ: فَقَدَتْ امْرَأَةٌ زَوْجَهَا فَأَتَتْ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ، فَأَمَرَهَا أَنْ تَتَرَبَّصَ أَرْبَعَةَ أَعْوَامٍ، فَفَعَلَتْ، ثُمَّ جَاءَتْهُ، فَأَمَرَهَا أَنْ تَعْتَدَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا، ثُمَّ أَتَتْهُ فَدَعَا وَلِيَّ الْمَفْقُودِ فَأَمَرَهُ أَنْ يُطَلِّقَهَا؟ فَطَلَّقَهَا، فَأَمَرَهَا أَنْ تَعْتَدَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ فَفَعَلَتْ ثُمَّ أَتَتْهُ، فَأَبَاحَ لَهَا الزَّوَاجَ، فَتَزَوَّجَتْ فَجَاءَ زَوْجُهَا الْمَفْقُودُ؟ فَخَيَّرَهُ عُمَرُ بَيْنَ امْرَأَتِهِ تِلْكَ وَبَيْنَ الصَّدَاقِ، فَاخْتَارَ الصَّدَاقَ، فَأَمَرَ لَهُ عُمَرُ بِالصَّدَاقِ.
وَرُوِيَ عَنْ عُمَرَ أَيْضًا قَوْلٌ رَابِعٌ - لَا يَصِحُّ، لِأَنَّهُ مُرْسَلٌ مِنْ طَرِيقِ مَالِكٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الْأَنْصَارِيِّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ قَالَ: إنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ قَالَ: أَيُّمَا امْرَأَةٍ فَقَدَتْ زَوْجَهَا فَإِنَّهَا تَنْتَظِرُهُ أَرْبَعَ سِنِينَ، ثُمَّ تَعْتَدُّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا، ثُمَّ تَحِلُّ.
وَرُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ الْحَسَنِ عَنْ عُمَرَ مِثْلَ ذَلِكَ.
وَمِنْ طَرِيقِ الزُّهْرِيِّ وَعَطَاءٍ وَعَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنْ عُمَرَ مِثْلَ ذَلِكَ.
وَرُوِّينَا عَنْ عُمَرَ أَيْضًا غَيْرَ ذَلِكَ كُلِّهِ مِنْ طَرِيقٍ ضَعِيفَةٍ فِيهَا الْمِنْهَالُ بْنُ عَمْرٍو: أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ أَتَتْهُ امْرَأَةٌ فَقَدَتْ زَوْجَهَا مُذْ ثَلَاثَةِ أَعْوَامٍ وَثَمَانِيَةِ أَشْهُرٍ، فَأَمَرَهَا عُمَرُ أَنْ تُتِمَّ أَرْبَعَ سِنِينَ، ثُمَّ تَعْتَدَّ عِدَّةَ الْمُتَوَفَّى عَنْهَا، ثُمَّ تَتَزَوَّجَ إنْ شَاءَتْ.
قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: وَقَدْ جَاءَ مِنْ طَرِيقِ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، وَعَمْرِو بْنِ دِينَارٍ وَالزُّهْرِيِّ، غَيْرُ مَا ذَكَرْنَا آنِفًا عَنْهُمْ -:
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute