للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

امْرَأَةً كَافِرَةً مِنْ مُؤْمِنَةٍ، وَلَا حُرَّةً مِنْ أَمَةٍ، وَلَا فَاسِقَةً مِنْ صَالِحَةٍ، وَلَا مَحْدُودًا مِنْ غَيْرِ مَحْدُودٍ، وَلَا مَحْدُودَةً مِنْ غَيْرِ مَحْدُودَةٍ، {وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيًّا} [مريم: ٦٤] .

وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: إنْ كَانَ أَحَدُهُمَا مَمْلُوكًا أَوْ كَافِرًا فَلَا لِعَانَ - وَهَذَا تَحَكُّمٌ بِالْبَاطِلِ، وَتَخْصِيصٌ لِلْقُرْآنِ بِرَأْيِهِ الْفَاسِدِ.

فَإِنْ قَالُوا: قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ} [النور: ٦] وَالْعَبْدُ لَا شَهَادَةَ لَهُ؟ قُلْنَا: بَاطِلٌ مَا قُلْتُمْ، بَلْ شَهَادَتُهُ كَشَهَادَةِ الْحُرِّ، وَأَنْتُمْ لَا تُجِيزُونَ شَهَادَةَ الْأَعْمَى، وَلَا شَهَادَةَ الْفَاسِقِ، وَتُوجِبُونَ اللِّعَانَ لَهُمَا.

وَرُوِّينَا عَنْ الشَّعْبِيِّ: لَا يُلَاعِنُ مَنْ لَا شَهَادَةَ لَهُ.

قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: وَهَذِهِ قَضِيَّةٌ فَاسِدَةٌ، لَا يُصَحِّحُهَا قُرْآنٌ وَلَا سُنَّةٌ، وَاَللَّهُ تَعَالَى وَإِنْ كَانَ سَمَّاهَا شَهَادَةً، فَلَيْسَتْ مِنْ سَائِرِ الشَّهَادَاتِ الَّتِي يُرَاعَى فِيهِ الْعَدْلُ مِنْ الْفَاسِقِ، لِأَنَّ تِلْكَ الشَّهَادَاتِ لَا يَحْلِفُ فِيهَا الشَّاهِدُ بِهَا، وَشَهَادَاتُ اللِّعَانِ أَيْمَانٌ، وَسَائِرُ الشَّهَادَاتِ لَا يُقْبَلُ فِي أَكْثَرِهَا إلَّا اثْنَانِ، وَشَهَادَةُ اللِّعَانِ إنَّمَا هِيَ مِنْ وَاحِدٍ، وَسَائِرُ الشَّهَادَاتِ لَا يُقْبَلُ فِيهَا الْمَرْءُ لِنَفْسِهِ، وَشَهَادَةُ اللِّعَانِ إنَّمَا هِيَ لِنَفْسِهِ لِيَدْرَأَ عَنْهَا الْحَدَّ، وَلِيُوجِبَهُ عَلَى الْمَرْأَةِ - فَبَطَلَ أَنْ يَكُونَ اللِّعَانُ حُكْمَ سَائِرِ الشَّهَادَاتِ.

وَأَمَّا قَوْلُنَا: إنْ الْتَعَنَ سَقَطَ عَنْهُ الْحَدُّ وَإِلَّا حُدَّتْ هِيَ: فَلِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي حَدِيثِ اللِّعَانِ «الْبَيِّنَةُ وَإِلَّا حَدٌّ فِي ظَهْرِكَ» .

وَقَوْلِهِ: إنَّهُ رَمَاهَا بِإِنْسَانٍ بِعَيْنِهِ فَحَدٌّ وَاحِدٌ يُسْقِطُ التَّلَاعُنَ فَلَمَّا رُوِّينَاهُ مِنْ طَرِيقِ أَحْمَدَ بْنِ شُعَيْبٍ نا عِمْرَانُ بْنُ يَزِيدَ الدِّمَشْقِيُّ نا مَخْلَدُ بْنُ الْحُسَيْنِ الْأَزْدِيُّ نا هِشَامُ بْنُ حَسَّانَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ «عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: أَوَّلُ لِعَانٍ كَانَ فِي الْإِسْلَامِ: أَنَّ هِلَالَ بْنَ أُمَيَّةَ قَذَفَ شَرِيكَ ابْنَ السَّحْمَاءِ بِامْرَأَتِهِ فَأَتَى النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأَخْبَرَهُ بِذَلِكَ؟ فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَرْبَعَةُ شُهَدَاءَ، وَإِلَّا فَحَدٌّ فِي ظَهْرِكِ - يُكَرِّرُ ذَلِكَ مِرَارًا، فَقَالَ لَهُ هِلَالٌ: وَاَللَّهِ يَا رَسُولَ

<<  <  ج: ص:  >  >>