مِلْكِهِ - وَحَرُمَ عَلَى الْمَرْأَةِ أَنْ تَتَزَوَّجَ عَبْدَهَا دُونَ أَنْ تُعْتِقَهُ، أَوْ تُخْرِجَهُ عَنْ مِلْكِهَا - وَكَذَلِكَ مُحَالٌ أَنْ يَكُونَ بَعْضُهَا زَوْجَةً لَهُ، وَبَعْضُهَا مِلْكَ يَمِينٍ لَهُ، لِمَا ذَكَرْنَا مِنْ الْآيَةِ.
فَإِذْ قَدْ صَحَّ مَا ذَكَرْنَا فَقَدْ وَجَبَ أَنَّ الْمِلْكَ يُنَافِي الزَّوْجِيَّةَ، فَلَا يَجُوزُ أَنْ يَجْتَمِعَا، فَوَجَبَ مِنْ هَذَا أَنَّهُ إذَا مَلَكَهَا، أَوْ بَعْضَهَا، فَهِيَ مِلْكُ يَمِينٍ لَهُ، أَوْ بَعْضُهَا، فَلَا يَكُونُ زَوْجًا لَهَا، وَلَا يَكُونُ بَعْضُهَا زَوْجَةً لَهُ - فَصَحَّ انْفِسَاخُ النِّكَاحِ بِلَا شَكٍّ.
وَكَذَلِكَ قَوْله تَعَالَى: {وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلا مَا ظَهَرَ مِنْهَا} [النور: ٣١] إلَى قَوْلِهِ: {أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ} [النور: ٣١] فَفَرَّقَ عَزَّ وَجَلَّ بَيْنَ الزَّوْجِ وَبَيْنَ مِلْكِ يَمِينِ الْمَرْأَةِ، فَوَجَبَ أَنْ لَا يَكُونَ مِلْكُ يَمِينِهَا زَوْجَهَا أَصْلًا - وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ.
وَرُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ سَعِيدِ بْنِ مَنْصُورٍ نَا إسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُبَيْدٍ الْكَلَاعِيِّ عَنْ مَكْحُولٍ فِي امْرَأَةٍ وَرِثَتْ زَوْجَهَا - وَهُوَ عَبْدٌ - عَنْ بَعْضِ وَلَدِهَا؟ قَالَ: لَا تَحِلُّ لَهُ - وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ: يُؤْمَرُ بِطَلَاقِهَا -.
وَقَدْ صَحَّ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ وَإِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ: إنْ أَعْتَقَتْهُ بَعْدَ أَنْ مَلَكَتْهُ فَهُمَا عَلَى نِكَاحِهِمَا.
قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: وَهَذَا خَطَأٌ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ ذَلِكَ لَكَانَ النِّكَاحُ صَحِيحًا - وَلَوْ طَرْفَةَ عَيْنٍ - وَلَوْ صَحَّ طَرْفَةَ عَيْنٍ لَصَحَّ بَعْدَ ذَلِكَ - وَأَمَةُ الِابْنِ لَيْسَتْ أَمَةً لِأَبِيهِ، وَلَا لِابْنِهِ، لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ: {وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ} [المؤمنون: ٥] {إِلا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ} [المؤمنون: ٦]
فَلَوْ كَانَتْ أَمَةُ الْوَلَدِ لِأَبِيهِ لَكَانَتْ حَرَامًا عَلَى الْوَلَدِ وَهَكَذَا نَقُولُ فِي أَمَةِ الْعَبْدِ وَعَبْدِ الْأَمَةِ لَا يَكُونُ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ مِلْكًا لِلسَّيِّدِ إلَّا أَنْ يُنْتَزَعَ ذَلِكَ مِنْ مِلْكِ الْعَبْدِ فَيَصِيرُ مِلْكًا لَهُ حِينَئِذٍ.
فَإِنْ احْتَجَّ مُحْتَجٌّ بِالْخَبَرِ الثَّابِتِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - «أَنْتَ وَمَالُكَ لِأَبِيكَ» .
قُلْنَا: هَذَا مَنْسُوخٌ بِالْمَوَارِيثِ وَبِالْآيَةِ الَّتِي ذَكَرْنَا - وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute