للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَهَذِهِ الْآيَةُ أَيْضًا تَعْلِيمٌ لِمَا دُونَ الثَّلَاثِ مِنْ الطَّلَاقِ، وَهُوَ حُجَّةٌ لَنَا عَلَيْهِمْ، لِأَنَّهُمْ لَا يَخْتَلِفُونَ - يَعْنِي الْمُخَالِفِينَ لَنَا - فِي أَنَّ طَلَاقَ السُّنَّةِ هُوَ أَنْ يُطَلِّقَهَا وَاحِدَةً، ثُمَّ يَتْرُكَهَا حَتَّى تَنْقَضِيَ عِدَّتُهَا - فِي قَوْلِ طَائِفَةٍ مِنْهُمْ.

وَفِي قَوْلِ آخَرِينَ مِنْهُمْ: أَنْ يُطَلِّقَهَا فِي كُلِّ طُهْرٍ طَلْقَةً -: وَلَيْسَ شَيْءٌ مِنْ هَذَا فِي هَذِهِ الْآيَةِ، وَهُمْ لَا يَرَوْنَ مَنْ طَلَّقَ طَلْقَتَيْنِ مُتَتَابِعَتَيْنِ فِي كَلَامٍ مُتَّصِلٍ: طَلَاقَ سُنَّةٍ، فَبَطَلَ تَعَلُّقُهُمْ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {الطَّلاقُ مَرَّتَانِ} [البقرة: ٢٢٩] .

وَأَمَّا خَبَرُ مَحْمُودِ بْنِ لَبِيدٍ فَمُرْسَلٌ، وَلَا حُجَّةَ فِي مُرْسَلٍ - وَمَخْرَمَةُ لَمْ يَسْمَعْ مِنْ أَبِيهِ شَيْئًا.

وَأَمَّا قَوْلُ مَنْ قَالَ: إنَّ الثَّلَاثَ تُجْعَلُ وَاحِدَةً، فَإِنَّهُمْ احْتَجُّوا بِمَا رُوِّينَاهُ مِنْ طَرِيقِ مُسْلِمٍ نا مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ نا عَبْدُ الرَّزَّاقِ نا مَعْمَرٌ عَنْ ابْنِ طَاوُسٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: كَانَ الطَّلَاقُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - وَأَبِي بَكْرٍ وَسَنَتَيْنِ مِنْ خِلَافَةِ عُمَرَ: طَلَاقُ الثَّلَاثِ وَاحِدَةً، فَقَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ: إنَّ النَّاسَ قَدْ اسْتَعْجَلُوا فِي أَمْرٍ كَانَ لَهُمْ فِيهِ أَنَاةٌ، فَلَوْ أَمْضَيْنَاهُ عَلَيْهِمْ؟ فَأَمْضَاهُ عَلَيْهِمْ.

<<  <  ج: ص:  >  >>