ثُمَّ هُوَ مُنْكَرٌ جِدًّا، لِأَنَّهُ لَمْ يُوجَدْ قَطُّ فِي شَيْءٍ مِنْ الْآثَارِ: أَنَّ وَالِدَ عُبَادَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَدْرَكَ الْإِسْلَامَ، فَكَيْفَ جَدُّهُ؟ وَهُوَ مُحَالٌ بِلَا شَكٍّ.
ثُمَّ أَلْفَاظُهُ مُتَنَاقِضَةٌ فِي بَعْضِهَا " أَمَّا ثَلَاثٌ فَلَكَ " وَهَذَا إبَاحَةٌ لِلثَّلَاثِ، وَبَعْضُهَا بِخِلَافِ ذَلِكَ.
وَأَمَّا حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ - فَفِي غَايَةِ السُّقُوطِ، لِأَنَّهُ عَنْ رُزَيْقِ بْنِ شُعَيْبٍ أَوْ شُعَيْبِ بْنِ رُزَيْقٍ الشَّامِيِّ - وَهُوَ ضَعِيفٌ - وَقَدْ ذَكَرْنَا ضَعْفَ إسْمَاعِيلَ بْنِ أُمَيَّةَ الذَّرَّاعِ وَجَهَالَتَهُ فَبَطَلَ مَا شَغَبُوا بِهِ.
وَلَمْ يَبْقَ بِأَيْدِيهِمْ شَيْءٌ - وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ.
وَأَمَّا مَا ذَكَرُوا عَنْ الصَّحَابَةِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - فَالرِّوَايَةُ عَنْ عُمَرَ " نَرَى النَّاسَ قَدْ اسْتَعْجَلُوا شَيْئًا كَانَتْ لَهُمْ فِيهِ أَنَاةٌ " فَلَا دَلِيلَ فِيهِ عَلَى أَنَّ طَلَاقَ الثَّلَاثِ مَعْصِيَةٌ أَصْلًا وَهُوَ صَحِيحٌ عَنْ ابْنِ عُمَرَ وَلَا حُجَّةَ فِي أَحَدٍ دُونَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - ".
قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: وَلَا أَضْعَفُ مِنْ قَوْلِ مَنْ يُقِرُّ أَنَّهُ يُنَفِّذُ الْبِدْعَةَ وَيَحْكُمُ بِمَا لَا يَجُوزُ بِغَيْرِ نَصٍّ مِنْ اللَّهِ تَعَالَى، وَلَا مِنْ رَسُولِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ -.
قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: ثُمَّ وَجَدْنَا مِنْ حُجَّةِ مَنْ قَالَ: إنَّ الطَّلَاقَ الثَّلَاثَ مَجْمُوعَةً سُنَّةٌ وَلَا بِدْعَةٌ قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى: {فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ} [البقرة: ٢٣٠] فَهَذَا يَقَعُ عَلَى الثَّلَاثِ مَجْمُوعَةً وَمُفَرَّقَةً، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُخَصَّ بِهَذِهِ الْآيَةِ بَعْضُ ذَلِكَ دُونَ بَعْضٍ بِغَيْرِ نَصٍّ - وَكَذَلِكَ قَوْله تَعَالَى: {إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا} [الأحزاب: ٤٩] عُمُومٌ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute