للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: هَذِهِ اللَّفْظَةُ انْفَرَدَ بِهَا حَيَّانُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ - وَهُوَ مَجْهُولٌ - وَالصَّحِيحُ هُوَ مَا رَوَاهُ الْجُرَيْرِيُّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُرَيْدَةَ، وَقَدْ ذَكَرْنَاهُ آنِفًا.

وَذَكَرُوا عَنْ إبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ: أَنَّ أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ لَمْ يَكُونُوا يُصَلُّونَهَا وَهَذَا لَا شَيْءَ؛ أَوَّلُ ذَلِكَ أَنَّهُ مُنْقَطِعٌ؛ لِأَنَّ إبْرَاهِيمَ لَمْ يُدْرِكْ أَحَدًا مِمَّنْ ذَكَرْنَاهُ، وَلَا وُلِدَ إلَّا بَعْدَ قَتْلِ عُثْمَانَ بِسِنِينَ، ثُمَّ لَوْ صَحَّ لَمَا كَانَتْ فِيهِ حُجَّةٌ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ أَنَّهُمْ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - نَهُوا عَنْهُمَا، وَلَا أَنَّهُمْ كَرِهُوهُمَا، وَنَحْنُ لَا نُخَالِفُهُمْ فِي أَنَّ تَرْكَ جَمِيعِ التَّطَوُّعِ مُبَاحٌ، مَا لَمْ يَتْرُكْهُ الْمَرْءُ رَغْبَةً عَنْ سُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَهَذَا هُوَ الْهَالِكُ، ثُمَّ لَوْ صَحَّ نَهْيُهُمْ عَنْهُمَا - وَمَعَاذَ اللَّهِ أَنْ يَصِحَّ - لَمَا كَانَتْ فِي أَحَدٍ مِنْهُمْ حُجَّةً عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَا عَلَى مَنْ صَلَّاهُمَا مِنْ الصَّحَابَةِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ -، وَقَدْ خَالَفُوا أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ وَجَمَاعَةً مِنْ الصَّحَابَةِ فِي الْمَسْحِ عَلَى الْعِمَامَةِ، وَمَعَهُمْ سُنَّةُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَلَا عَجَبَ أَعْجَبُ مِنْ إقْدَامِهِمْ عَلَى مُخَالَفَةِ الصَّحَابَةِ إذَا اشْتَهُوا وَتَعْظِيمِهِمْ مُخَالَفَتِهِمَا إذَا اشْتَهُوا وَهَذَا تَلَاعُبٌ بِالدِّينِ لَا خَفَاءَ بِهِ نَعْنِي هَؤُلَاءِ الْمُقَلِّدِينَ الْمُتَأَخِّرِينَ.

وَذَكَرُوا عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ قَالَ: مَا رَأَيْت أَحَدًا يُصَلِّيهِمَا، وَهَذَا لَا شَيْءَ أَوَّلُ ذَلِكَ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّهُ عَنْ أَبِي شُعَيْبٍ أَوْ شُعَيْبٍ، وَلَا نَدْرِي مَنْ هُوَ؟ وَأَيْضًا فَلَيْسَ فِي هَذَا لَوْ صَحَّ نَهْيٌ عَنْهُمَا، وَنَحْنُ لَا نُنْكِرُ تَرْكَ التَّطَوُّعِ مَا لَمْ يَنْهَ عَنْهُ بِغَيْرِ حَقٍّ ثُمَّ لَوْ صَحَّ عَنْهُ النَّهْيُ عَنْهُمَا؛ وَهُوَ لَا يَصِحُّ أَبَدًا؛ بَلْ قَدْ رُوِيَ عَنْهُ جَوَازُ صَلَاتِهِمَا؛ لَمَّا كَانَ فِيهِ حُجَّةٌ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَا عَلَى سَائِرِ الصَّحَابَةِ النَّادِبِينَ إلَيْهِمَا؛ وَمِنْ الْعَجَائِبِ أَنَّهُمْ لَا يَرَوْنَ حُجَّةَ قَوْلِ ابْنِ عُمَرَ «صَلَّيْتُ خَلْفَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَخَلْفَ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ فَلَمْ يَقْنُتْ أَحَدٌ مِنْهُمْ» إذْ لَمْ يُوَافِقْ تَقْلِيدَهُمْ، وَقَدْ صَحَّ هَذَا عَنْهُ ثُمَّ يَجْعَلُونَ مَا لَمْ يَصِحَّ عَنْهُ، حُجَّةً إذَا وَافَقَ أَهْوَاءَهُمْ وَهَذَا عَجَبٌ جِدًّا.

قَالَ عَلِيٌّ: وَالْحُجَّةُ فِيهَا هُوَ مَا حَدَّثَنَاهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ خَالِدٍ ثنا إبْرَاهِيمُ بْنُ أَحْمَدَ ثنا الْفَرَبْرِيُّ ثنا الْبُخَارِيُّ ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَزِيدَ هُوَ الْمُقْرِي - ثنا سَعِيدُ بْنُ أَبِي أَيُّوبَ ثنا يَزِيدُ بْنُ أَبِي حَبِيبٍ سَمِعْت مَرْثَدَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ الْيَزَنِيِّ هُوَ أَبُو الْخَيْرِ قَالَ: «أَتَيْت عُقْبَةَ بْنَ عَامِرِ الْجُهَنِيِّ فَقُلْت: أَلَا أُعْجِبُكَ مِنْ أَبِي تَمِيمٍ؛ يَرْكَعُ رَكْعَتَيْنِ

<<  <  ج: ص:  >  >>