قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: هَذَا تَقْسِيمٌ لَا حُجَّةَ عَلَى صِحَّتِهِ أَصْلًا وَقَالَ الْحَسَنُ بْنُ حَيٍّ، وَسُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، وَأَبُو حَنِيفَةَ: الْجِمَاعُ رَجْعَةٌ - نَوَى بِهِ الرَّجْعَةَ أَوْ لَمْ يَنْوِ - وَكَذَلِكَ اللَّمْسُ.
قَالَ سُفْيَانُ، وَأَبُو حَنِيفَةَ: إذَا كَانَ لِشَهْوَةٍ، وَإِلَّا فَلَا.
قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: وَالنَّظَرُ إلَى الْفَرْجِ بِشَهْوَةٍ رَجْعَةٌ.
قَالَ: فَلَوْ قَبَّلَتْهُ لِشَهْوَةٍ، أَوْ لَمَسَتْهُ لِشَهْوَةٍ - وَأَقَرَّ هُوَ بِذَلِكَ - فَهِيَ رَجْعَةٌ؟ فَلَوْ جُنَّ فَقَبَّلَهَا لِشَهْوَةٍ فَهِيَ رَجْعَةٌ، فَلَوْ جَامَعَتْهُ مُكْرَهَةً فَهِيَ رَجْعَةٌ، وَلَا يَكُونُ مَا دُونَ الْجِمَاعِ بِإِكْرَاهٍ رَجْعَةً.
قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: هَذِهِ الْأَقْوَالُ فِي غَايَةِ الْفَسَادِ؛ لِأَنَّهَا شَرْعٌ فِي الدِّينِ بِغَيْرِ قُرْآنٍ، وَلَا سُنَّةٍ صَحِيحَةٍ، وَلَا سَقِيمَةٍ، وَلَا قِيَاسٍ لَهُ وَجْهٌ، وَلَا رَأْيٍ لَهُ فِي السَّدَادِ حَظٌّ، وَلَا سَبَقَهُ إلَيْهَا أَحَدٌ نَعْلَمُهُ.
وَقَالَ جَابِرُ بْنُ زَيْدٍ، وَأَبُو قِلَابَةَ، وَاللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ وَالشَّافِعِيُّ: الْوَطْءُ فَمَا دُونَهُ لَا يَكُونُ رَجْعَةً - نَوَى بِهِ الرَّجْعَةَ أَوْ لَمْ يَنْوِ - وَلَا رَجْعَةَ إلَّا بِالْكَلَامِ.
قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: لَمْ يَأْتِ بِأَنَّ الْجِمَاعَ رَجْعَةٌ: قُرْآنٌ وَلَا سُنَّةٌ، وَلَا خِلَافَ فِي أَنَّ الرَّجْعَةَ بِالْكَلَامِ رَجْعَةٌ، فَلَا يَكُونُ رَجْعَةً إلَّا بِمَا صَحَّ أَنَّهُ رَجْعَةٌ وَقَالَ تَعَالَى: {فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ} [الطلاق: ٢] وَالْمَعْرُوفُ مَا عُرِفَ بِهِ مَا فِي نَفْسِ الْمُمْسِكِ الرَّادِّ، وَلَا يُعْرَفُ ذَلِكَ إلَّا بِالْكَلَامِ، وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ.
وَقَدْ قَالَ قَوْمٌ: إنَّ مَعْنَى قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ} [الطلاق: ٢] إنَّمَا مَعْنَاهُ: مُقَارَبَةُ بُلُوغِ الْأَجَلِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute