للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تَعْلِيمٌ لِكُلِّ مُطَلِّقٍ إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، سَوَاءٌ كَانَ الْحَمْلُ مِنْهُ أَوْ مِنْ غَيْرِهِ؛ لِأَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - لَمْ يَخُصَّ حَامِلًا مِنْ حَامِلٍ مِنْ غَيْرِهِ، وَأَنَّ تِلْكَ الْحَالَ هُوَ قُبُلُ عِدَّتِهَا، فَوَجَبَتْ الْعِدَّةُ عَلَيْهَا بِمَا ذَكَرْنَا، وَلَمْ يَجُزْ أَنْ يَسْقُطَ هَذَا الْحُكْمُ إلَّا بِيَقِينٍ، وَلَا يَقِينَ فِي سُقُوطِهِ إلَّا فِي الْمُطَلَّقَةِ الَّتِي لَمْ يَطَأْهَا وَلَيْسَتْ حَامِلًا فَقَطْ.

وَإِذَا صَحَّ أَنَّ عَلَيْهَا الْعِدَّةَ فَقَدْ وَجَبَ ضَرُورَةً أَنَّ لَهُ الرَّجْعَةَ عَلَيْهَا مَا دَامَتْ فِي الْعِدَّةِ مِنْ، طَلَاقِهِ، وَعَلَيْهِ النَّفَقَةُ، وَيَتَوَارَثَانِ، وَيَلْحَقُهَا إيلَاؤُهُ، وَظِهَارُهُ، وَيُلَاعِنُهَا؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ} [البقرة: ٢٢٨] .

وَبِقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ فَارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ} [الطلاق: ٢] .

وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ.

وَكَذَلِكَ نَقُولُ: إنَّهُ إنْ طَلَّقَهَا وَعِدَّتُهَا بِالْأَقْرَاءِ أَوْ بِالشُّهُورِ، ثُمَّ حَمَلَتْ قَبْلَ تَمَامِ الْعِدَّةِ مِنْهُ أَوْ مِنْ غَيْرِهِ بِزِنًى أَوْ بِإِكْرَاهٍ، فَإِنَّهَا تَنْتَقِلُ عِدَّتُهَا إلَى وَضْعِ ذَلِكَ الْحَمْلِ، فَإِذَا وَضَعَتْ فَقَدْ تَمَّتْ عِدَّتُهَا.

وَكَذَلِكَ لَوْ مَاتَ فَحَمَلَتْ فِي عِدَّتِهَا مِنْ وَفَاتِهِ مِنْ زِنًى أَوْ إكْرَاهٍ فَإِنَّ عِدَّتَهَا تَنْتَقِلُ إلَى عِدَّةِ الْحَامِلِ بِوَضْعِ الْحَمْلِ؛ لِأَنَّ كُلَّ ذَلِكَ دَاخِلٌ فِي عُمُومِ قَوْله تَعَالَى: {وَأُولاتُ الأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} [الطلاق: ٤] .

وَقَدْ غَلَّبَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَضْعَ الْحَمْلِ فِي الْوَفَاةِ عَلَى الْأَرْبَعَةِ الْأَشْهُرِ وَالْعَشْرِ -: كَمَا رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ أَحْمَدَ بْنِ شُعَيْبٍ أَنَا حُسَيْنُ بْنُ مَنْصُورِ بْنِ جَعْفَرٍ النَّيْسَابُورِيُّ أَنَا جَعْفَرُ بْنُ عَوْنٍ أَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ - هُوَ الْأَنْصَارِيُّ - أَخْبَرَنِي سُلَيْمَانُ بْنُ يَسَارٍ أَخْبَرَنِي أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ قَالَ: «بَعَثْنَا كُرَيْبًا - هُوَ مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ - إلَى أُمِّ سَلَمَةَ أُمِّ

<<  <  ج: ص:  >  >>