للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَصَحَّ عَنْ الزُّهْرِيِّ قَالَ: يُكْرَهُ لِلْمُتَوَفَّى عَنْهَا: الْعَصْبُ وَالسَّوَادُ، وَلَا تَلْبَسُ الثِّيَابَ الْمُصْبَغَةَ، وَلَا تَلْبَسُ حُلِيًّا وَلَا طِيبًا.

وَصَحَّ عَنْ إبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ: الْمُتَوَفَّى عَنْهَا لَا تَمَسُّ الصُّفْرَةَ، وَلَا الطِّيبَ، وَلَا تَكْتَحِلُ بِكُحْلٍ زِينَةً، لَكِنْ بِزُورٍ، أَوْ صَبْرٍ، إلَّا أَنْ تَرْمَدَ فَتَكْتَحِلَ.

وَصَحَّ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ: أَنَّ امْرَأَةً مَاتَ زَوْجُهَا، قَالَتْ لَهُ: لَيْسَ لِي إلَّا هَذَا الْخِمَارُ - وَهُوَ مَصْبُوغٌ بِبَقَّمٍ؟ فَقَالَ: اُصْبُغِيهِ بِسَوَادٍ -.

وَأَمَّا الْمُتَأَخِّرُونَ - فَإِنَّ أَبَا حَنِيفَةَ، وَأَصْحَابَهُ قَالُوا: تَمْتَنِعُ مِنْ الزِّينَةِ، وَالطِّيبِ، وَالْكُحْلِ، وَالثِّيَابِ الْمَصْبُوغَةِ بِالْوَرْسِ، وَالزَّعْفَرَانِ، وَالْعُصْفُرِ خَاصَّةً - وَلَا تَدَّهِنُ بِزَيْتٍ أَصْلًا، سَوَاءً مُطَيَّبًا كَانَ أَوْ غَيْرَ مُطَيَّبٍ.

وَأَبَاحُوا لَهَا الْخَزَّ الْأَحْمَرَ.

وَقَالَ مَالِكٌ: تَجْتَنِبُ الزِّينَةَ كُلَّهَا، وَالْحُلِيَّ: الْخَاتَمَ، وَغَيْرَهُ - وَلَا تَلْبَسُ الْخَزَّ، وَلَا الْعَصْبَ، إلَّا الْعَصْبَ الْغَلِيظَ خَاصَّةً، وَلَا ثَوْبًا مَصْبُوغًا إلَّا بِسَوَادٍ وَلَا تَكْتَحِلُ أَصْلًا، وَلَا تَقْرَبُ شَيْئًا مِنْ الطِّيبِ، وَلَا دُهْنًا مُطَيَّبًا بِرَيْحَانٍ، أَوْ غَيْرِهِ، وَلَا تَمْتَشِطُ بِحِنَّاءٍ، وَلَا بِكَتَمٍ، وَلَا بِشَيْءٍ يَخْتَمِرُ فِي الرَّأْسِ، لَكِنْ بِالسِّدْرِ، وَمَا أَشْبَهَهُ - وَتَدَّهِنُ بِالزَّيْتِ وَالشَّيْرَجُ.

وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: تَجْتَنِبُ الزِّينَةَ كُلَّهَا، وَالدُّهْنَ كُلَّهُ: الزَّيْتَ، وَغَيْرَهُ، فِي الرَّأْسِ، وَغَيْرِهِ، وَلَا تَكْتَحِلُ بِمَا فِيهِ زِينَةٌ، وَلَا بَأْسَ بِالْكُحْلِ الَّذِي لَا زِينَةَ فِيهِ، فَإِنْ اُضْطُرَّتْ إلَى مَا فِيهِ زِينَةٌ مِنْهُ جَعَلَتْهُ لَيْلًا، وَمَسَحَتْهُ نَهَارًا، كَالصَّبْرِ، وَنَحْوِهِ.

وَتَجْتَنِبُ كُلَّ صِبَاغٍ فِيهِ زِينَةٌ، وَتَلْبَسُ الْبَيَاضَ، وَالْمَصْبُوغَ بِالسَّوَادِ، وَالْخُضْرَةِ الْمُقَارِبَةِ لِلسَّوَادِ، وَمَا لَيْسَ بِزِينَةٍ - وَتَجْتَنِبُ الطِّيبَ.

قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: كُلُّ هَذِهِ الْأَقْوَالِ خَطَأٌ لَا خَفَاءَ بِهِ؛ لِأَنَّهَا لَيْسَ بِشَيْءٍ مِنْهَا بُرْهَانٌ يُصَحِّحُهُ، لَا قُرْآنٌ، وَلَا سُنَّةٌ، وَلَا سِيَّمَا قَوْلَ أَبِي حَنِيفَةَ فِي تَخْصِيصِ مَا صُبِغَ بِوَرْسٍ، أَوْ زَعْفَرَانٍ، أَوْ عُصْفُرٍ خَاصَّةً.

وَقَوْلُ مَالِكٍ فِي اجْتِنَابِ الْعَصْبِ إلَّا الْغَلِيظَ مِنْهُ، وَقَوْلُ الشَّافِعِيِّ فِي تَخْصِيصِ الْأَصْبَاغِ، فَإِنَّهَا أَقْوَالٌ لَا تُعْرَفُ عَنْ أَحَدٍ قَبْلَهُمْ، وَلَا مَعْنَى لَهَا أَصْلًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>