وَلَا سُكْنَى لَهُنَّ، لَا عَلَى الْمُطَلِّقِ، وَلَا عَلَى وَرَثَةِ الْمَيِّتِ، وَلَا عَلَى الَّذِي اخْتَارَتْ فِرَاقَهُ، وَلَا نَفَقَةَ.
وَلَهُنَّ أَنْ يَحْجُجْنَ فِي عِدَّتِهِنَّ، وَأَنْ يَرْحَلْنَ حَيْثُ شِئْنَ.
وَأَمَّا كُلُّ مُطَلَّقَةٍ لِلَّذِي طَلَّقَهَا عَلَيْهَا الرَّجْعَةُ - مَا دَامَتْ فِي الْعِدَّةِ - فَلَا يَحِلُّ لَهَا الْخُرُوجُ مِنْ بَيْتِهَا الَّذِي كَانَتْ فِيهِ إذْ طَلَّقَهَا، وَلَهَا عَلَيْهِ النَّفَقَةُ وَالْكِسْوَةُ فَإِنْ كَانَ خَوْفٌ شَدِيدٌ، أَوْ لَزِمَهَا حَدٌّ فَلَهَا أَنْ تَخْرُجَ حِينَئِذٍ، وَإِلَّا فَلَا أَصْلًا - لَا لَيْلًا وَلَا نَهَارًا - أَلْبَتَّةَ إلَّا لِضَرُورَةٍ لَا حِيلَةَ فِيهَا.
بُرْهَانُ ذَلِكَ -: قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ وَاتَّقُوا اللَّهَ رَبَّكُمْ لا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلا يَخْرُجْنَ إِلا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ لا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا} [الطلاق: ١] {فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ فَارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ} [الطلاق: ٢] .
فَهَذِهِ صِفَةُ الطَّلَاقِ الرَّجْعِيِّ لَا صِفَةُ الطَّلَاقِ الْبَاتِّ.
وَأَمَّا الطَّلَاقُ الْبَاتُّ -: فَكَمَا رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ مُسْلِمٍ أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى أَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ أَنَا سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ عَنْ سَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ عَنْ الشَّعْبِيِّ عَنْ فَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ «عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الْمُطَلَّقَةِ ثَلَاثًا لَيْسَ لَهَا سُكْنَى وَلَا نَفَقَةٌ» .
أَنَا حُمَامُ بْنُ أَحْمَدَ أَنَا عَبَّاسُ بْنُ أَصْبَغَ أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَيْمَنَ أَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ أَنَا أَبِي أَنَا هُشَيْمٌ أَنَا سَيَّارٌ، وَحُصَيْنٌ - هُوَ ابْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ - وَالْمُغِيرَةُ - هُوَ ابْنُ مِقْسَمٍ - وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ، وَدَاوُد بْنُ أَبِي هِنْدٍ كُلُّهُمْ عَنْ الشَّعْبِيِّ قَالَ: دَخَلْت عَلَى فَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ فَسَأَلْتهَا عَنْ قَضَاءِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَيْهَا؟ فَقَالَتْ: «طَلَّقَهَا زَوْجُهَا أَلْبَتَّةَ، قَالَتْ: فَخَاصَمْتُهُ إلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي السُّكْنَى وَالنَّفَقَةِ؟ فَلَمْ يَجْعَلْ لِي سُكْنَى وَلَا نَفَقَةً، وَأَمَرَنِي أَنْ أَعْتَدَّ فِي بَيْتِ ابْنِ أُمِّ مَكْتُومٍ» .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute