وَلَا يَسَعُ أَحَدًا الْخُرُوجُ عَنْ هَذَيْنِ الْأَثَرَيْنِ لِبَيَانِهِمَا وَصِحَّتِهِمَا.
وَلَمْ يَصِحَّ فِي وُجُوبِ السُّكْنَى لِلْمُتَوَفَّى عَنْهَا أَثَرٌ أَصْلًا.
وَالْمَنْزِلُ لَا يَخْلُو مِنْ أَنْ يَكُونَ مِلْكًا لِلْمَيِّتِ أَوْ مِلْكًا لِغَيْرِهِ -: فَإِنْ كَانَ مِلْكًا لِغَيْرِهِ - وَهُوَ مُكْتَرَى أَوْ مُبَاحٌ - فَقَدْ بَطَلَ الْعَقْدُ بِمَوْتِهِ، فَلَا يَحِلُّ لِأَحَدٍ سُكْنَاهُ إلَّا بِإِذْنِ صَاحِبِهِ وَطِيبِ نَفْسِهِ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «إنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ عَلَيْكُمْ حَرَامٌ» .
وَإِنْ كَانَ مِلْكًا لِلْمَيِّتِ، فَقَدْ صَارَ لِلْغُرَمَاءِ أَوْ لِلْوَرَثَةِ أَوْ لِلْوَصِيَّةِ، فَلَا يَحِلُّ لَهَا مَالُ الْغُرَمَاءِ، وَالْوَرَثَةِ، وَالْمُوصَى لَهُمْ لِمَا ذَكَرْنَا، وَإِنَّمَا لَهَا مِنْهُ مِقْدَارُ مِيرَاثِهَا إنْ كَانَتْ وَارِثَةً فَقَطْ، وَهَذَا بُرْهَانٌ قَاطِعٌ لَائِحٌ وَمَا عَدَا هَذَا فَظُلْمٌ لَا خَفَاءَ بِهِ، وَهَذَا مَكَانٌ كَثُرَ فِيهِ اخْتِلَافُ النَّاسِ -: فَطَائِفَةٌ قَالَتْ بِقَوْلِنَا -: كَمَا رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ عَطَاءٍ أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ قَالَ: تَعْتَدُّ الْمَبْتُوتَةُ حَيْثُ شَاءَتْ.
- قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ: وَأَخْبَرَنِي أَبُو الزُّبَيْرِ أَنَّهُ سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ: تَعْتَدُّ الْمَبْتُوتَةُ حَيْثُ شَاءَتْ.
وَمِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ قَالَ: أَنَا مَعْمَرٌ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ: أَنَّ فَاطِمَةَ بِنْتَ قَيْسٍ قَالَتْ: قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {لا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ} [الطلاق: ١] قَالَتْ: هَذَا كَانَ لِمَنْ كَانَتْ لَهُ رَجْعَةٌ، فَأَيُّ أَمْرٍ يَحْدُثُ بَعْدَ الثَّلَاثِ - قَالَ لَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ: فَطَلَّقَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ عُثْمَانَ - وَهُوَ غُلَامٌ شَابٌّ - بِنْتَ سَعِيدِ بْنِ زَيْدِ بْنِ عَمْرٍو فِي إمَارَةِ مَرْوَانَ، وَأُمُّهَا بِنْتُ قَيْسٍ، فَانْتَقَلَتْهَا خَالَتُهَا فَاطِمَةُ بِنْتُ قَيْسٍ.
وَمِنْ طَرِيقِ ابْنِ أَبِي شَيْبَةَ أَنَا الثَّقَفِيُّ - هُوَ عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَبْدِ الْمَجِيدِ - عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: إنَّ الرُّبَيِّعُ اخْتَلَعَتْ مِنْ زَوْجِهَا، فَأَتَى مُعَوِّذٌ - هُوَ ابْنُ عَفْرَاءَ - عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ فَسَأَلَهُ أَتَنْتَقِلُ؟ قَالَ: نَعَمْ تَنْتَقِلُ.
قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: إنَّمَا أَوْرَدْنَا هَذَا؛ لِأَنَّ الْمُخْتَلِعَةَ عِنْدَهُمْ طَلَاقُهَا بَائِنٌ وَعَلَيْهَا الْعِدَّةُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute