للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَوَّلُهَا: - أَنَّ جَرِيرَ بْنَ عَبْدِ الْحَمِيدِ لَمْ يَسْمَعْ مِنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ إلَّا بَعْدَ اخْتِلَاطِ عَطَاءٍ، وَتَفَلُّتِ عَقْلِهِ، هَذَا مَعْرُوفٌ عِنْدَ أَصْحَابِ الْحَدِيثِ.

وَثَانِيهَا: - أَنَّهُ لَوْ صَحَّ وَسَمِعْنَا نَحْنُ ابْنَ عَبَّاسٍ يَقُولُ ذَلِكَ -: لَمَا كَانَتْ فِيهِ حُجَّةٌ؛ لِأَنَّهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَخْبَرَ بِمَا عَرَفَ، وَأَخْبَرَتْ عَائِشَةُ بِمَا كَانَ عِنْدَهَا، مِمَّا لَمْ يَكُنْ عِنْدَ ابْنِ عَبَّاسٍ: مِنْ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يَدَعْ الرَّكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْعَصْرِ إلَى أَنْ مَاتَ» ؟ فَهَذَا الْعِلْمُ الزَّائِدُ الَّذِي لَا يَحِلُّ تَرْكُهُ، وَمَنْ أَيْقَنَ وَقَالَ: عَلِمْت أَوْلَى مِمَّنْ قَالَ: لَا أَعْلَمُ وَكِلَاهُمَا صَادِقٌ؟ وَثَالِثُهَا - أَنَّهُ حَتَّى لَوْ صَحَّ قَوْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ وَلَمْ يَأْتِ عَنْ أَحَدٍ مِنْ الصَّحَابَةِ خِلَافُهُ - لَمَا كَانَتْ فِيهِ حُجَّةٌ؛ لِأَنَّ فِعْلَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الشَّيْءَ مَرَّةً وَاحِدَةً حُجَّةٌ بَاقِيَةٌ؛ وَحَقٌّ ثَابِتٌ أَبَدًا، مَا لَمْ يَنْهَ عَمَّا فَعَلَ مِنْ ذَلِكَ؟ وَمَنْ قَالَ: لَا يَكُونُ فِعْلُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الشَّيْءَ حَقًّا إلَّا حَتَّى يُكَرِّرَ فِعْلَهُ فَهُوَ كَافِرٌ مُشْرِكٌ وَسَخِيفٌ [مَعَ ذَلِكَ] ؛ لِأَنَّهُ يُقَالُ لَهُ مِثْلُ ذَلِكَ فِيمَا فُعِلَ مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا أَوْ أَلْفَ مَرَّةٍ، وَلَا فَرْقَ؛ وَهَذَا لَا يَقُولُهُ مُسْلِمٌ، وَلَا ذُو عَقْلٍ؟ وَالْعَجَبُ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ: إنَّ الصَّاحِبَ إذَا رَوَى خَبَرًا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثُمَّ خَالَفَهُ فَذَلِكَ دَلِيلٌ عِنْدَهُمْ عَلَى وَهْنِ الْخَبَرِ؛ وَقَدْ صَحَّ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ الصَّلَاةُ بَعْدَ الْعَصْرِ كَمَا نَذْكُرُ بَعْدَ هَذَا فَهَلَّا عَلَّلُوا هَذَا الْخَبَرَ بِمُخَالَفَةِ ابْنِ عَبَّاسٍ؛ لِمَا رَوَى فِي ذَلِكَ، وَلَكِنَّهُمْ لَا مَئُونَةَ عَلَيْهِمْ مِنْ التَّنَاقُضِ - فَسَقَطَ هَذَا الْخَبَرُ جُمْلَةً، - وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ؟

<<  <  ج: ص:  >  >>