للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ احْتَجَّ مَنْ قَالَ بِأَنَّ مَا صَلُحَ لِلرِّجَالِ فَهُوَ لِلرَّجُلِ، وَمَا صَلُحَ لِلنِّسَاءِ فَهُوَ لِلْمَرْأَةِ.

بِمَا رُوِّينَاهُ مِنْ طَرِيقِ سَعِيدِ بْنِ مَنْصُورٍ أَنَا سُوَيْدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ الدِّمَشْقِيُّ أَنَا أَبُو نُوحٍ الْمَدَنِيُّ - مِنْ آلِ أَبِي بَكْرٍ - قَالَ: أَنَا الْحَضْرَمِيُّ - رَجُلٌ قَدْ سَمَّاهُ - عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «مَتَاعُ النِّسَاءِ لِلنِّسَاءِ، وَمَتَاعُ الرِّجَالِ لِلرِّجَالِ» .

قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: هَذَا خَبَرٌ مَوْضُوعٌ مَكْذُوبٌ لَا يَحِلُّ لِأَحَدٍ أَنْ يَرْوِيَهُ إلَّا عَلَى بَيَانِ وَضْعِهِ -: سُوَيْدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ مَذْكُورٌ بِالْكَذِبِ - وَأَبُو نُوحٍ لَا يَدْرِي أَحَدٌ مَنْ هُوَ؟ وَالْحَضْرَمِيُّ مِثْلُ ذَلِكَ.

ثُمَّ لَوْ صَحَّ لَكَانَ غَيْرَ حُجَّةٍ لَهُمْ؛ لِأَنَّ ظَاهِرَهُ أَنَّ لِكُلِّ أَحَدٍ مَتَاعًا الَّذِي بِيَدِهِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَقُلْ فِيهِ: إنْ اخْتَلَفَ الزَّوْجَانِ، وَلَا قَالَ فِيهِ: مَا صَلُحَ لِلرِّجَالِ، وَلَا مَا صَلُحَ لِلنِّسَاءِ - وَإِنَّمَا فِيهِ: مَتَاعُ النِّسَاءِ، وَمَتَاعُ الرِّجَالِ، وَالْمَتَاعُ: هُوَ مَتَاعُ الْمَرْءِ الَّذِي فِي مِلْكِهِ - سَوَاءٌ صَلُحَ لَهُ أَوْ لَمْ يَصْلُحْ لَهُ - وَإِذَا لَمْ يَخُصَّ بِهِ اخْتِلَافَ الزَّوْجَيْنِ، فَلَيْسَ لِأَحَدٍ أَنْ يَخُصَّ هَذَا الْبَابَ دُونَ اخْتِلَافِ الْأَخِ وَالْأُخْتِ - فَبَطَلَ تَمْوِيهُهُمْ بِهَذَا الْخَبَرِ الْمَكْذُوبِ.

قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: وَلَا يَخْتَلِفُ الْمُخَالِفُونَ لَنَا مِنْ الْحَنَفِيِّينَ، وَالْمَالِكِيِّينَ فِي أَخٍ وَأُخْتٍ سَاكِنَيْنِ فِي بَيْتٍ، فَتَدَاعَيَا مَا فِيهِ أَنَّهُ بَيْنَهُمَا بِنِصْفَيْنِ مَعَ أَيْمَانِهِمَا، وَلَمْ يَحْكُمُوا فِي ذَلِكَ بِمَا حَكَمُوا بِهِ فِي الزَّوْجَيْنِ.

وَكَذَلِكَ لَمْ يَخْتَلِفُوا فِي عَطَّارٍ، وَدَبَّاغٍ، أَوْ بَزَّارٍ، سَاكِنِينَ فِي بَيْتٍ: فِي أَنَّ كُلَّ مَا فِي الْبَيْتِ بَيْنَهُمَا - مَعَ أَيْمَانِهِمَا - وَلَمْ يَحْكُمُوا أَنَّ مَا كَانَ مِنْ عِطْرٍ فَلِلْعَطَّارِ، وَمَا كَانَ مِنْ آلَةِ الدَّبَّاغِ فَلِلدَّبَّاغِ، وَمَا كَانَ مِنْ آلَةِ الْبَزِّ فَلِلْبَزَّازِ - فَظَهَرَ تَنَاقُضُهُمْ، وَفَسَادُ قَوْلِهِمْ بِيَقِينٍ، وَأَنَّهُ ظَنٌّ كَاذِبٌ، وَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إيَّاكُمْ وَالظَّنَّ فَإِنَّ الظَّنَّ أَكْذَبُ الْحَدِيثِ» .

بُرْهَانُ صِحَّةِ قَوْلِنَا -: أَنَّ يَدَ الرَّجُلِ، وَيَدَ الْمَرْأَةِ عَلَى مَا فِي الْبَيْتِ الَّذِي يَسْكُنَانِهِ،

<<  <  ج: ص:  >  >>