للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

دُونَهَا - كُلُّ ذَلِكَ سَوَاءٌ، فَلَوْ صَحَّ بِبَيِّنَةِ عَدْلٍ أَنَّهُ وَطِئَهَا قَبْلَ بَيْعِهِ لَهَا، أَوْ بِأَنَّهُ أَقَرَّ قَبْلَ أَنْ يَبِيعَهَا بِوَطْئِهِ لَهَا، فَإِنْ ظَهَرَ بِهَا حَمْلٌ كَانَ مَبْدَؤُهُ قَبْلَ بَيْعِهِ لَهَا - بِلَا شَكٍّ - فُسِخَ الْبَيْعُ بِكُلِّ حَالٍ، وَرُدَّتْ إلَيْهِ أُمُّ الْوَلَدِ، وَلَحِقَ بِهِ وَلَدُهَا - أَحَبَّ أَمْ كَرِهَ - أَقَرَّ بِهِ أَوْ لَمْ يُقِرَّ.

وَكُلُّ أَمَةٍ لِإِنْسَانٍ صَحَّ أَنَّهُ وَطِئَهَا بِبَيِّنَةٍ، أَوْ بِإِقْرَارٍ مِنْهُ، فَإِنَّهُ يَلْحَقُ بِهِ مَا وَلَدَتْ - أَحَبَّ أَمْ كَرِهَ - وَلَا يَنْتَفِعُ بِأَنْ يَدَّعِيَ اسْتِبْرَاءً، أَوْ بِدَعْوَاهُ الْعَزْلَ - وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ.

بُرْهَانُ ذَلِكَ -: قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: {وَلا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلا عَلَيْهَا} [الأنعام: ١٦٤] وَقَوْلُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ عَلَيْكُمْ حَرَامٌ» وَلَا شَكَّ فِي أَنَّ الْأَمَةَ قَدْ صَحَّ مِلْكُهَا، أَوْ مِلْكُ وَلَدِهَا، أَوْ مِلْكُهُمَا لِلْمُشْتَرِي فَقَدْ مَنَعَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ مِنْ قَبُولِ دَعْوَى الْبَائِعِ فِي إبْطَالِ مِلْكِ الْمُشْتَرِي بِالْمِلْكِ؛ لِأَنَّهُ كَاسِبٌ عَلَى غَيْرِهِ، وَمُدَّعٍ فِي مَالِ سِوَاهُ بِلَا بَيِّنَةٍ.

وَقَالَ مَالِكٌ: إنْ بَاعَهَا حَامِلًا ثُمَّ ادَّعَى أَنَّ وَلَدَهَا مِنْهُ فُسِخَ الْبَيْعُ - قَالَ: فَلَوْ ادَّعَاهُ وَقَدْ أُعْتِقَتْ لَمْ يُفْسَخْ الْعِتْقُ وَلَا ابْتِيَاعُ الْمُعْتِقِ لَهَا.

قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: وَهَذِهِ مُنَاقَضَةٌ لَا خَفَاءَ بِهَا؛ لِأَنَّهُ إذَا صُدِّقَ فِي دَعْوَاهُ فَفُسِخَ بِهَا مِلْكُ مُسْلِمٍ وَصَفْقَتُهُ فَوَاجِبٌ أَنْ يُصَدَّقَ وَيُفْسَخَ بِهَا عِتْقُ الْأَمَةِ وَلَا فَرْقَ، وَلَئِنْ لَمْ يَجُزْ أَنْ يُصَدَّقَ فِي فَسْخِ الْعِتْقِ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يُصَدَّقَ فِي فَسْخِ صَفْقَةِ مُسْلِمٍ وَإِبْطَالِ مِلْكِهِ - وَبِاَللَّهِ تَعَالَى نَتَأَيَّدُ.

فَإِنْ قَالُوا: الْبَيْعُ يُفْسَخُ بِالْعَيْبِ؟ قُلْنَا: وَالْعِتْقُ يُفْسَخُ بِالِاسْتِحْقَاقِ، وَأَمَّا إذَا صَحَّ وَطْؤُهُ لَهَا إذَا كَانَتْ فِي مِلْكِهِ أَوْ صَحَّ حِينَئِذٍ إقْرَارُهُ بِوَطْئِهَا.

فَبُرْهَانُ قَوْلِنَا فِي لِحَاقِ الْوَلَدِ بِهِ، وَفَسْخِ الْعِتْقِ وَالْبَيْعِ وَالْإِيلَادِ فِيهِمَا -:

مَا رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ أَبِي دَاوُد السِّجِسْتَانِيِّ أَنَا مُسَدَّدٌ أَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ قَالَتْ: اخْتَصَمَ سَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ وَعَبْدُ بْنُ زَمْعَةَ إلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي ابْنِ أَمَةِ زَمْعَةَ فَقَالَ ابْنُ زَمْعَةَ: أَخِي ابْنُ أَمَةِ أَبِي وُلِدَ عَلَى فِرَاشِ أَبِي فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «الْوَلَدُ لِلْفِرَاشِ احْتَجِبِي مِنْهُ يَا سَوْدَةُ هُوَ أَخُوكَ يَا عَبْدُ» .

<<  <  ج: ص:  >  >>