للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كَانَ أَبُوهُ مَيِّتًا، أَوْ غَائِبًا حَيْثُ لَا يُقْدَرُ عَلَيْهِ، وَلَا وَارِثَ لِلرَّضِيعِ: فَالرَّضَاعُ عَلَى الْأُمِّ، وَلَا شَيْءَ لَهَا عَلَى أَحَدٍ مِنْ أَجْلِ إرْضَاعِهِ.

فَإِنْ كَانَ فِي عِصْمَتِهِ بِزَوَاجٍ صَحِيحٍ، أَوْ مِلْكِ يَمِينٍ صَحِيحٍ: فَعَلَى الْوَالِدِ نَفَقَتُهُمَا، أَوْ كِسْوَتُهُمَا فَقَطْ، كَمَا كَانَ قَبْلَ ذَلِكَ وَلَا مَزِيدَ.

وَإِنْ كَانَتْ فِي غَيْرِ عِصْمَتِهِ - فَإِنْ كَانَتْ أُمَّ وَلَدِهِ فَأَعْتَقَهَا، أَوْ مُنْفَسِخَةَ النِّكَاحِ بَعْدَ صِحَّتِهِ بِغَيْرِ طَلَاقٍ، لَكِنْ بِمَا ذَكَرْنَا قَبْلُ أَنَّ النِّكَاحَ يَنْفَسِخُ بِهِ بَعْدَ صِحَّتِهِ أَوْ مَوْطُوءَةً بِعَقْدٍ فَاسِدٍ بِجَهْلٍ يَلْحَقُ فِيهِ الْوَلَدُ بِوَالِدِهِ، أَوْ طَلَّقَهَا طَلَاقًا رَجْعِيًّا - وَهُوَ رَضِيعٌ - فَلَهَا فِي كُلِّ ذَلِكَ عَلَى وَالِدِهِ النَّفَقَةُ، وَالْكِسْوَةُ فَقَطْ، وَلَا مَزِيدَ.

فَإِنْ كَانَ فَقِيرًا كُلِّفَتْ إرْضَاعَهُ وَلَا شَيْءَ لَهَا عَلَى الْأَبِ الْفَقِيرِ، فَإِنْ غَابَ وَلَهُ مَالٌ وَامْتَنَعَ أُتْبِعَ بِالنَّفَقَةِ وَالْكِسْوَةِ مَتَى قَدَرَ عَلَى مَالٍ.

فَإِنْ كَانَتْ مُطَلَّقَةً ثَلَاثًا وَأَتَمَّتْ عِدَّتَهَا مِنْ الطَّلَاقِ الرَّجْعِيِّ بِوَضْعِهِ: فَلَهَا عَلَى أَبِيهِ الْأُجْرَةُ فِي إرْضَاعِهِ فَقَطْ.

فَإِنْ رَضِيَتْ هِيَ أُجْرَةَ مِثْلِهَا: فَإِنَّ الْأَبَ يُجْبَرُ عَلَى ذَلِكَ - أَحَبَّ أَمْ كَرِهَ - وَلَا يُلْتَفَتُ إلَى قَوْلِهِ: أَنَا وَاجِدُ مَنْ يُرْضِعُهُ بِأَقَلَّ، أَوْ بِلَا أُجْرَةٍ.

فَإِنْ لَمْ تَرْضَ هِيَ إلَّا بِأَكْثَرَ مِنْ أُجْرَةِ مِثْلِهَا وَأَبَى الْأَبُ إلَّا أُجْرَةَ مِثْلِهَا فَهَذَا هُوَ التَّعَاسُرُ، وَلِلْأَبِ حِينَئِذٍ أَنْ يَسْتَرْضِعَ غَيْرَهَا لِوَلَدِهِ إلَّا أَنْ لَا يَقْبَلَ غَيْرَ ثَدْيِهَا، أَوْ لَا يَجِدُ الْأَبُ إلَّا مَنْ لَبَنُهَا مُضِرٌّ بِالرَّضِيعِ، أَوْ كَانَ الْأَبُ لَا مَالَ لَهُ: فَتُجْبَرُ الْأُمُّ حِينَئِذٍ عَلَى إرْضَاعِهِ، وَتُجْبَرُ هِيَ وَالْوَالِدُ عَلَى أُجْرَةِ مِثْلِهَا - إنْ كَانَ لَهُ مَالٌ - وَإِلَّا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ.

وَكُلُّ مَا ذَكَرْنَا أَنَّهُ يَجِبُ عَلَى الْوَالِدِ - فِي الرَّضَاعِ - مِنْ أُجْرَةٍ، أَوْ رِزْقٍ أَوْ كِسْوَةٍ: فَهُوَ وَاجِبٌ عَلَيْهِ - كَانَ لِلرَّضِيعِ مَالٌ أَوْ لَمْ يَكُنْ، كَانَتْ صَغِيرَةً زَوَّجَهَا أَبُوهَا أَوْ لَمْ تَكُنْ - بِخِلَافِ النَّفَقَةِ عَلَى الْفَطِيمَةِ أَوْ الْفَطِيمِ.

فَإِنْ مَاتَ الْأَبُ فَكُلُّ مَا ذَكَرْنَا أَنَّهُ يَجِبُ عَلَى الْوَالِدِ: مِنْ كِسْوَةٍ، أَوْ نَفَقَةٍ، أَوْ أُجْرَةٍ، وَلِلرَّضِيعِ وَارِثٌ فَهُوَ عَلَى وَارِثِ الرَّضِيعِ - عَلَى عَدَدِهِمْ لَا عَلَى مَقَادِيرِ مَوَارِيثِهِمْ مِنْهُ، وَالْأُمُّ مِنْ جُمْلَتِهِمْ: وَالزَّوْجُ إنْ كَانَ زَوَّجَهَا أَبُوهَا مِنْ جُمْلَتِهِمْ، سَوَاءٌ كَانَ لِلرَّضِيعِ مَالٌ أَوْ لَمْ يَكُنْ، بِخِلَافِ كِسْوَتِهِ، وَنَفَقَتِهِ إذَا أَكَلَ الطَّعَامَ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَارِثٌ فَرَضَاعُهُ عَلَى

<<  <  ج: ص:  >  >>