للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَمَّا قَوْلُنَا فِي أَوَّلِ الْمَسْأَلَةِ - الْوَاجِبُ عَلَى كُلِّ حُرَّةٍ أَوْ أَمَةٍ فِي عِصْمَةِ زَوْجٍ كَانَتْ أَوْ فِي مِلْكِ سَيِّدٍ أَوْ خِلْوًا مِنْهُمَا لَحِقَ وَلَدُهَا بِاَلَّذِي تَوَلَّدَ مِنْ مَائِهِ أَوْ لَمْ يَلْحَقْ أَنْ تُرْضِعَ وَلَدَهَا أَحَبَّتْ أَمْ كَرِهَتْ وَلَوْ أَنَّهَا بِنْتُ الْخَلِيفَةِ وَتُجْبَرُ عَلَى ذَلِكَ فَلِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ} [البقرة: ٢٣٣] .

وَهَذَا عُمُومٌ لَا يَحِلُّ لِأَحَدٍ أَنْ يَخُصَّ مِنْهُ شَيْئًا إلَّا مَا خَصَّهُ نَصٌّ ثَابِتٌ وَإِلَّا فَهُوَ كَذِبٌ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى.

فَإِنْ قِيلَ: هَذَا خَبَرٌ لَا أَمْرٌ؟

قُلْنَا: هَذَا أَشَدُّ عَلَيْكُمْ، إذْ أَخْبَرَ عَزَّ وَجَلَّ بِذَلِكَ، فَمُخَالِفُ خَبَرِهِ سَاعٍ فِي تَكْذِيبِ مَا أَخْبَرَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ وَفِي هَذَا مَا فِيهِ.

وَهَذَا قَوْلُ ابْنِ أَبِي لَيْلَى، وَالْحَسَنِ بْنِ حَيٍّ، وَأَبِي ثَوْرٍ، وَأَبِي سُلَيْمَانَ، وَأَصْحَابِنَا، وَاخْتُلِفَ فِيهِ عَنْ مَالِكٍ - فَمَرَّةً قَالَ مِثْلَ قَوْلِنَا، وَمَرَّةً قَالَ: الشَّرِيفَةُ لَا تُجْبَرُ عَلَى ذَلِكَ - وَهَذَا قَوْلٌ فِي غَايَةِ الْفَسَادِ؛ لِأَنَّ الشَّرَفَ هُوَ التَّقْوَى، فَرُبَّ هَاشِمِيَّةٍ أَوْ عَبْشَمِيَّةٍ بِنْتِ خَلِيفَةٍ تَمُوتُ هَزَلًا، وَرُبَّ زِنْجِيَّةٍ أَوْ بِنْتِ غَيَّةٍ قَدْ صَارَتْ حُرْمَةَ مَالِكٍ، أَوْ أَمَةً.

وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: لَا تُجْبَرُ الْأُمُّ عَلَى الرَّضَاعِ - وَهَذَا خِلَافٌ مُجَرَّدٌ لِلْقُرْآنِ.

وَأَمَّا قَوْلُنَا - إلَّا أَنْ تَكُونَ مُطَلَّقَةً فَإِنْ كَانَتْ مُطَلَّقَةً فَإِنَّهَا لَا تُجْبَرُ عَلَى إرْضَاعِ وَلَدِهَا

<<  <  ج: ص:  >  >>