قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: فَالْخَطَأُ مَنْ رَمَى شَيْئًا فَأَصَابَ مُسْلِمًا لَمْ يُرِدْهُ بِمَا قَدْ يُمَاتُ مِنْ مِثْلِهِ فَمَاتَ الْمُصَابُ، أَوْ وَقَعَ عَلَى مُسْلِمٍ فَمَاتَ مِنْ وَقْعَتِهِ - فَهَذَا كُلُّهُ لَا خِلَافَ فِي أَنَّهُ قَتْلُ خَطَأٍ لَا قَوَدَ فِيهِ.
أَوْ قَتَلَ فِي دَارٍ الْحَرْبِ إنْسَانًا يَرَى أَنَّهُ كَافِرٌ فَإِذَا بِهِ مُسْلِمٌ، أَوْ قَتَلَ إنْسَانًا مُتَأَوِّلًا غَيْرَ مُقَلِّدٍ - وَهُوَ يَرَى أَنَّهُ عَلَى الْحَقِّ فَإِذَا بِهِ عَلَى الْخَطَأِ.
بُرْهَانُ قَوْلِنَا فِي الْقَاتِلِ فِي دَارِ الْحَرْبِ -: قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى: {وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ إِلا أَنْ يَصَّدَّقُوا فَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ عَدُوٍّ لَكُمْ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ} [النساء: ٩٢] .
" مِنْ " هَاهُنَا بِمَعْنَى " فِي " لِأَنَّهُ لَا خِلَافَ بَيْنَ أَحَدٍ فِي أَنَّ قَوْمًا كُفَّارًا حَرْبِيِّينَ أَسْلَمَ مِنْهُمْ إنْسَانٌ وَخَرَجَ إلَى دَارِ الْإِسْلَامِ فَقَتَلَهُ مُسْلِمٌ خَطَأً: فَإِنَّ فِيهِ الدِّيَةَ لِوَلَدِهِ، وَالْكَفَّارَةَ - فَصَحَّ بِذَلِكَ مَا قُلْنَا - وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ.
وَأَمَّا الْمُتَأَوِّلُ - فَلِمَا رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ أَبِي دَاوُد السِّجِسْتَانِيِّ أَنَا مُسَدَّدٌ أَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْقَطَّانُ أَنَا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ حَدَّثَنِي سَعِيدٌ - هُوَ ابْنُ أَبِي سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيُّ - سَمِعْت أَبَا شُرَيْحٍ الْكَعْبِيَّ يَقُولُ: «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - يَا مَعْشَرَ خُزَاعَةَ قَتَلْتُمْ هَذَا الْقَتِيلَ مِنْ هُذَيْلٍ وَإِنِّي عَاقِلُهُ وَمَنْ قُتِلَ لَهُ بَعْدَ مَقَالَتِي هَذِهِ قَتِيلٌ فَأَهْلُهُ بَيْنَ خِيرَتَيْنِ: أَنْ يَأْخُذُوا الْعَقْلَ، وَبَيْنَ أَنْ يَقْتُلُوا» .
قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: فَلَا شَكَّ أَنَّ خُزَاعَةَ قَتَلُوهُ مُتَأَوِّلِينَ أَنَّ لَهُمْ قَتْلَهُ - وَهَكَذَا نَقُولُ فِيمَنْ قَامَتْ عَلَيْهِ الْحُجَّةُ مِنْ النَّصِّ ثُمَّ قَتَلَ مُتَمَادِيًا عَلَى تَأْوِيلِهِ الْفَاسِدِ، الْمُخَالِفِ لِلنَّصِّ، أَوْ عَلَى تَقْلِيدِ مَنْ تَأَوَّلَ فَأَخْطَأَ: فَعَلَيْهِ الْقَوَدُ.
وَهَذَا الْخَبَرُ زَائِدٌ عَلَى خَبَرِ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ - وَخَالِدٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - فِي قَتْلِ خَالِدٍ مَنْ قَتَلَ مِنْ بَنِي خُذَيْمَةَ مُتَأَوِّلًا - وَفِي قَتْلِ أُسَامَةَ: الرَّجُلَ الَّذِي قَالَ: لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ - وَالزِّيَادَةُ لَا يَجُوزُ تَرْكُهَا.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute