للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَمَّا الصَّبِيُّ - فَجَاءَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ أَثَرٌ بِأَنَّ سِتَّةَ صِبْيَانٍ تَغَاطُّوا فِي النَّهْرِ فَغَرَقَ أَحَدُهُمْ فَشَهِدَ اثْنَانِ عَلَى ثَلَاثَةٍ، وَشَهِدَ الثَّلَاثَةُ عَلَى الِاثْنَيْنِ، فَجَعَلَ عَلِيٌّ عَلَى الِاثْنَيْنِ ثَلَاثَةَ أَخْمَاسِ الدِّيَةِ، وَجَعَلَ عَلَى الثَّلَاثَةِ خُمُسَيْ الدِّيَةِ -.

وَهَذَا لَا يَصِحُّ أَلْبَتَّةَ؛ لِأَنَّهُ مِنْ رِوَايَةِ سَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ، أَوْ حَمَّادِ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ: أَنَّ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ - وَكِلَاهُمَا لَمْ يُولَدْ إلَّا بَعْدَ مَوْتِ عَلِيٍّ.

وَمِنْ طَرِيقِ الْحَجَّاجِ بْنِ أَرْطَاةَ - وَهُوَ هَالِكٌ -. ثُمَّ لَوْ صَحَّ لَكَانَ الْمَالِكِيُّونَ، وَالْحَنَفِيُّونَ، وَالشَّافِعِيُّونَ مُخَالِفُونَ لَهُ، وَإِنَّمَا يَكُونُ الشَّيْءُ حُجَّةً عَلَى مَنْ صَحَّحَهُ، لَا عَلَى مَنْ لَمْ يُصَحِّحْهُ.

وَرُوِيَ إيجَابُ الْغَرَامَةِ عَلَى عَاقِلَةِ الصَّبِيِّ عَنْ الزُّهْرِيِّ، وَحَمَّادِ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ، وَإِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ، وَقَتَادَةَ - وَبِهِ يَقُولُ أَبُو حَنِيفَةَ.

وَرُوِيَ عَنْ رَبِيعَةَ أَنَّهُ قَالَ: إذَا كَانَ الصَّبِيُّ صَغِيرًا جِدًّا فَلَا شَيْءَ عَلَى عَاقِلَتِهِ، وَلَا فِي مَالِهِ - وَإِنْ كَانَ يَعْقِلُ فَالدِّيَةُ عَلَى عَاقِلَتِهِ.

وَبِهِ يَقُولُ مَالِكٍ - وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: هِيَ فِي مَالِهِ بِكُلِّ حَالٍ.

قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: فَهَذِهِ مُنَاقَضَاتٌ ظَاهِرَةٌ، وَأَقْوَالٌ بِلَا دَلِيلٍ، لَا مِنْ قُرْآنٍ، وَلَا سُنَّةٍ صَحِيحَةٍ، وَلَا سَقِيمَةٍ، وَلَا رِوَايَةٍ عَنْ صَاحِبٍ أَصْلًا، وَلَا قِيَاسٍ، وَمَا كَانَ هَكَذَا فَهُوَ بَاطِلٌ مُتَيَقَّنٌ.

وَقَدْ اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يُقَاسَ عَلَى الْعَامِدِ، وَقِيَاسُهُ عَلَى الْخَطَأِ بَاطِلٌ لَوْ كَانَ الْقِيَاسُ حَقًّا؛ لِأَنَّهُ لَا يُقَاسَ عِنْدَهُمْ الشَّيْءُ إلَّا عَلَى نَظِيرِهِ وَمُشْبِهِهِ، وَلَا شَبَهَ بَيْنَ الْعَاقِلِ الْبَالِغِ وَبَيْنَ الصَّبِيِّ الْمَجْنُونِ أَصْلًا - فَبَطَلَ كُلُّ مَا قَالُوهُ - وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ.

وَقَدْ أَجْمَعُوا عَلَى سُقُوطِ الْكَفَّارَةِ فِي ذَلِكَ عَنْهُ، فَلَوْ كَانَ الْقِيَاسُ حَقًّا لَكَانَ إسْقَاطُ الدِّيَةِ قِيَاسًا عَلَى سُقُوطِ الْكَفَّارَةِ فِي ذَلِكَ أَصَحَّ قِيَاسٍ يُوجَدُ، وَلَكِنَّهُمْ لَا النُّصُوصَ يَتَّبِعُونَ، وَلَا الْقِيَاسَ يُحْسِنُونَ، وَلَا الصَّحَابَةَ يُقَلِّدُونَ.

وَأَمَّا الْمَجْنُونُ - فَحَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عُمَرَ بْنِ أَنَسٍ أَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ عِقَالٍ أَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدٍ الدِّينَوَرِيُّ أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ الْجَهْمِ أَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الصَّائِغُ أَنَا

<<  <  ج: ص:  >  >>