الْمَالِ، وَلَوْ فَعَلَ الْإِمَامُ هَذَا لَكَانَ حَسَنًا، وَلَيْسَ وَاجِبًا - وَهَذَا مَا خَالَفُوا فِيهِ النُّصُوصَ، وَمِمَّا صَحَّ عَنْ الصَّاحِبِ الَّذِي لَا يَصِحُّ لِقَوْلِهِ خِلَافٌ عَنْ أَحَدٍ مِنْهُمْ، وَالْقِيَاسُ: إذْ قَاسُوا مَا جَنَى الْمَجْنُونُ الْقَاصِدُ عَلَى ضِدِّهِ - وَهُوَ مَا جَنَاهُ الْعَاقِلُ الْمُخْطِئُ - وَلَمْ يَقِيسُوا إسْقَاطَ الدِّيَةِ عَلَى إسْقَاطِهِمْ الْكَفَّارَةَ فِي ذَلِكَ - وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ.
فَأَمَّا السَّكْرَانُ فَرُوِّينَا عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ: أَنَّ سُكَارَى تَضَارَبُوا بِالسَّكَاكِينِ. وَهُمْ أَرْبَعَةٌ فَجُرِحَ اثْنَانِ، وَمَاتَ اثْنَانِ: فَجَعَلَ عَلِيٌّ دِيَةَ الِاثْنَيْنِ الْمَقْتُولَيْنِ عَلَى قَبَائِلِهِمَا، وَعَلَى قَبَائِلِ اللَّذَيْنِ لَمْ يَمُوتَا، وَقَاصَّ الْحَيَّيْنِ مِنْ ذَلِكَ بِدِيَةِ جِرَاحِهِمَا - وَأَنَّ الْحَسَنَ بْنَ عَلِيٍّ رَأَى أَنْ يُقِيدَ لِلْحَيَّيْنِ لِلْمَيِّتَيْنِ وَلَمْ يَرَ عَلِيٌّ ذَلِكَ، وَقَالَ: لَعَلَّ الْمَيِّتَيْنِ قَتَلَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا الْآخَرَ - وَهَذَا لَا يَصِحُّ عَنْ عَلِيٍّ؛ لِأَنَّهُ مِنْ طَرِيقٍ فِيهَا سِمَاكُ بْنُ حَرْبٍ عَنْ رَجُلٍ مَجْهُولٍ، رَوَاهُ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ سِمَاكٍ، فَقَالَ: عَنْ عُبَيْدِ بْنِ الْقَعْقَاعِ.
وَرَوَاهُ أَبُو الْأَحْوَصِ عَنْ سِمَاكٍ فَقَالَ: عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَعْقَاعِ، وَكِلَاهُمَا لَا يُدْرَى مَنْ هُوَ - وَسِمَاكٌ يَقْبَلُ التَّلْقِينَ.
وَلَوْ صَحَّ لَكَانَ مُخَالِفًا لِقَوْلِ الْحَنَفِيِّينَ، وَالشَّافِعِيِّينَ، وَالْمَالِكِيِّينَ.
وَمِنْ طَرِيقِ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الْأَنْصَارِيِّ وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي الزِّنَادِ: أَنَّ مُعَاوِيَةَ أَقَادَ مِنْ السَّكْرَانِ، قَالَ ابْنُ أَبِي الزِّنَادِ: وَكَانَ الْقَاتِلُ مُحَمَّدَ بْنَ النُّعْمَانِ الْأَنْصَارِيَّ - وَالْمَقْتُولُ عُمَارَةَ بْنَ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ. قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: وَهَذَا لَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّ يَحْيَى لَمْ يُولَدْ إلَّا بَعْدَ مَوْتِ مُعَاوِيَةَ، وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي الزِّنَادِ فِي غَايَةِ الضَّعْفِ، أَوَّلُ مَنْ ضَعَّفَهُ: مَالِكٌ، وَلَا نَعْلَمْ فِي هَذَا الْبَابِ عَنْ أَحَدٍ مِنْ الصَّحَابَةِ شَيْئًا غَيْرَ مَا ذَكَرْنَا - وَصَحَّ عَنْ الزُّهْرِيِّ، وَرَبِيعَةَ.
وَبِهِ يَقُولُ أَبُو حَنِيفَةَ، وَمَالِكٌ، وَالشَّافِعِيُّ: يُقَادُ مِنْ السَّكْرَانِ - وَلَا حُجَّةَ فِي أَحَدٍ دُونَ رَسُولٍ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - وَهَذَا مِمَّا خَالَفُوا فِيهِ النُّصُوصَ وَمَا رُوِيَ عَنْ الصَّحَابَةِ، وَالْقِيَاسُ، كَمَا ذَكَرْنَا.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute