للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَيْسَ عَاصِيًا فَلَيْسَ فِي النَّارِ، وَلَا هُوَ مِثْلُ الْقَاتِلِ الظَّالِمِ، وَإِنْ كَانَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - آمِرًا فَهُوَ بِيَقِينٍ لَا يَأْمُرُ إلَّا بِوَاجِبٍ فَرْضٍ.

وَمِنْ الْبَاطِلِ أَنْ يَأْمُرَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - بِشَيْءٍ وَيُطْلِقُ عَلَى خِلَافِهِ، وَلَا يَمْنَعُ مِنْ الْحَرَامِ الَّذِي هُوَ خِلَافُ أَمْرٍ - وَهَذَا هُوَ الْقَضَاءُ بِالْبَاطِلِ، وَقَدْ أَبْعَدَهُ اللَّهُ تَعَالَى عَنْ هَذَا.

فَإِنْ قَالُوا: هُوَ أَمْرٌ عَلَى النَّدْبِ. قُلْنَا: لَا رَاحَةَ لَكُمْ فِي هَذَا، لِأَنَّ مَنْ تَرَكَ قَبُولَ الْأَمْرِ بِالنَّدْبِ الَّذِي لَيْسَ فَرْضًا فَلَيْسَ فِي النَّارِ، وَلَا هُوَ مِثْلُ الْقَاتِلِ الظَّالِمِ - فَبَطَلَ تَفْسِيرُ ابْنِ أَشْوَعَ.

وَهَكَذَا الْقَوْلُ فِيمَا حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَبِيعٍ نا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عُثْمَانَ نا أَحْمَدُ بْنُ خَالِدٍ نا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ نا الْحَجَّاجُ بْنُ الْمِنْهَالِ نا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ أَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحَكَمِ الْبُنَانِيُّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زَيْدٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ «إنَّ الرَّجُلَ قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ قَتَلَ أَخِي فَدَخَلَ النَّارَ، وَإِنْ قَتَلْتُهُ دَخَلْتُ النَّارَ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إنَّهُ قَتَلَ أَخَاكَ فَدَخَلَ النَّارَ بِقَتْلِهِ إيَّاهُ، وَإِنِّي نَهَيْتُك عَنْ قَتْلِهِ، فَإِنْ قَتَلْتَهُ دَخَلْتَ النَّارَ بِمَعْصِيَتِكَ إيَّايَ.» قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: وَهَذَا مُرْسَلٌ، وَالْمُرْسَلُ لَا تَقُومُ بِهِ حُجَّةٌ، وَالْقَوْلُ فِي إبْطَالِهِ كَالْقَوْلِ فِي حَدِيثِ ابْنِ أَشْوَعَ وَلَا فَرْقَ

وَبِهِ - إلَى حَمَّادٍ عَنْ حُمَيْدٍ عَنْ الْحَسَنِ أَنَّهُ كَانَ يَعْنِي بِهَذَا الْخَبَرِ «إنْ قَتَلْتَهُ فَأَنْتَ مِثْلُهُ» " كَانَ يَرَى ذَلِكَ عَامًّا - وَكَذَلِكَ مَا حَدَّثَنَاهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَبِيعٍ نا ابْنُ السَّلِيمِ نا ابْنُ الْأَعْرَابِيِّ نا أَبُو دَاوُد نا مُوسَى بْنُ إسْمَاعِيلَ نا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بَكْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْمُزَنِيّ عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي مَيْمُونَةَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: «مَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رُفِعَ إلَيْهِ شَيْءٌ فِيهِ قِصَاصٌ إلَّا أَمَرَ فِيهِ بِالْعَفْوِ» . قَالَ: فَلَوْ كَانَ هَذَا أَمْرَ فَرْضٍ وَإِيجَابٍ لَحَرُمَ الْقِصَاصُ جُمْلَةً - وَهَذَا أَمْرٌ مُتَيَقَّنٌ أَنَّهُ لَا يَقُولُهُ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ الْإِسْلَامِ، فَإِنْ كَانَ أَمْرَ نَدْبٍ فَلَا يَدْخُلُ النَّارَ، وَلَا يَكُونُ ظَالِمًا مَنْ تَرَكَ النَّدْبَ غَيْرَ رَاغِبٍ عَنْهُ، فَإِنْ تَرَكَهُ رَاغِبًا عَنْهُ فَهُوَ فَاسِقٌ وَرُبَّمَا كَفَرَ.

قَالَ عَلِيٌّ: وَالْقَوْلُ فِي هَذَا عِنْدَنَا هُوَ مَا وَجَدْنَاهُ فِي خَبَرٍ آخَرَ - وَهُوَ الَّذِي حَدَّثَنَاهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>