للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْله تَعَالَى {فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَهُ} [المائدة: ٤٥] قَالَ: لِلْمَجْرُوحِ، وَأَجْرُ الْمُتَصَدِّقِ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى.

وَعَنْ جَابِرِ بْنِ زَيْدٍ قَالَ: لِلْمَجْرُوحِ - وَعَنْ مُجَاهِدٍ فِي قَوْله تَعَالَى {فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَهُ} [المائدة: ٤٥] وَأَجْرُ الْمُتَصَدِّقِ عَلَى اللَّهِ.

وَمِنْ طَرِيقِ وَكِيعٍ نا سُفْيَانُ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ أَنَّهُ سَمِعَهُ يَقُولُ: إنْ عَفَا عَنْهُ، أَوْ اقْتَصَّ مِنْهُ، أَوْ قَبِلَ مِنْهُ الدِّيَةَ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَهُ.

وَمِنْ طَرِيقِ ابْنِ أَبِي شَيْبَةَ نا جَرِيرٌ، وَوَكِيعٌ، قَالَ وَكِيعٌ: عَنْ سُفْيَانَ، ثُمَّ اتَّفَقَ جَرِيرٌ، وَسُفْيَانُ كِلَاهُمَا عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ إبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ قَالَ: كَفَّارَةٌ لِلَّذِي تَصَدَّقَ عَلَيْهِ، وَأَجْرُ الَّذِي أُصِيبَ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى.

قَالَ أَبُو مُحَمَّدٌ: فَلَمَّا اخْتَلَفُوا - كَمَا ذَكَرْنَا وَجَبَ أَنْ نَفْعَلَ مَا أَمَرَنَا اللَّهُ تَعَالَى بِهِ إذْ يَقُولُ {فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ} [النساء: ٥٩] الْآيَةَ؟ فَفَعَلْنَا، فَوَجَدْنَا نَصَّ قَوْله تَعَالَى {فَمَنْ تَصَدَّقَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَهُ} [المائدة: ٤٥] جَاءَ بِلُغَةِ الْعَرَبِ.

كَمَا قَالَ تَعَالَى {بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ} [الشعراء: ١٩٥] . وَوَجَدْنَا فِي لُغَةِ الْعَرَبِ الضَّمِيرَ رَاجِعًا - وَلَا بُدَّ - إلَى أَقْرَبِ مَذْكُورٍ إلَّا بِدَلِيلٍ. وَوَجَدْنَا أَقْرَبَ مَذْكُورٍ إلَى {فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَهُ} [المائدة: ٤٥] الضَّمِيرَ الَّذِي فِي {تَصَدَّقَ بِهِ} [المائدة: ٤٥] وَهُوَ ضَمِيرُ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ الْمُتَصَدِّقِ، فَلَا يَجُوزُ إخْرَاجُهُ عَنْ هَذَا إلَّا بِدَلِيلٍ، وَلَا دَلِيلَ عَلَى ذَلِكَ.

وَأَمَّا الْمُتَصَدَّقُ عَلَيْهِ فَإِنَّ الْجَانِيَ فِيمَا دُونَ النَّفْسِ إذَا عَفَا عَنْهُ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ فَإِنْ غَفَرَ لَهُ، وَتَصَدَّقَ بِحَقِّهِ عَلَيْهِ، فَلَا شَكَّ فِي أَنَّهُ مَغْفُورٌ لَهُ، وَمُكَفَّرٌ عَنْهُ، لِأَنَّ صَاحِبَ الْحَقِّ قَدْ أَسْقَطَ حَقَّهُ قِبَلَهُ.

وَأَمَّا إذَا لَمْ يَغْفِرْ لَهُ، وَلَكِنَّهُ أَخَّرَ طَلَبَهُ إلَى الْآخِرَةِ، وَأَسْقَطَهُ فِي الدُّنْيَا، فَبِلَا شَكٍّ نَدْرِي أَنَّ حَقَّهُ بَاقٍ لَهُ قِبَلَهُ، وَأَنَّهُ سَيَقْتَصُّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنْ حَسَنَاتِهِ.

وَأَمَّا مَنْ قَتَلَ آخَرَ - فَعَلَيْهِ حَقَّانِ: حَقُّ الْمَقْتُولِ فِي ظُلْمِهِ إيَّاهُ، وَحَقُّ الْوَلِيِّ فِي أَخْذِ الْقَوَدِ - فَإِنْ عَفَا الْوَلِيُّ فَإِنَّمَا عَفَا عَنْ حَقِّ نَفْسِهِ، وَلَا عَفْوَ لَهُ فِي حَقِّ غَيْرِهِ - وَهُوَ

<<  <  ج: ص:  >  >>