للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَقَامَ ثُمَّ صَلَّى الْفَجْرَ» .

فَهَذَا يُونُسُ عَنْ الْحَسَنِ وَثَابِتٍ الْبُنَانِيِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ رَبَاحٍ وَهُمَا أَحْفَظُ مِنْ خَالِدِ بْنِ شُمَيْرٍ، مِنْ هِشَامِ بْنِ حَسَّانَ يَذْكُرَانِ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يَسْتَيْقِظْ إلَّا بِحَرِّ الشَّمْسِ وَبِضَرُورَةِ الْحِسِّ وَالْمُشَاهَدَةِ يَدْرِي كُلُّ أَحَدٍ أَنَّ حَرَّ الشَّمْسِ لَا يُوقِظُ النَّائِمَ إلَّا بَعْدَ صَفْوِهَا وَابْيِضَاضِهَا وَارْتِفَاعِهَا؛ وَأَمَّا قَبْلَ ذَلِكَ فَلَا.

وَلَيْسَ فِي حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي قَتَادَةَ أَنَّهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - «أَمَرَهُمْ بِالِانْتِظَارِ أَصْلًا، وَإِنَّمَا أَمَرَهُمْ بِالِانْتِشَارِ لِلْحَاجَةِ، ثُمَّ الْوُضُوءُ، ثُمَّ الصَّلَاةُ فَقَطْ» .

وَإِذْ ذَلِكَ كَذَلِكَ فَقَدْ وَجَبَ أَنْ نَنْظُرَ مَا الَّذِي مِنْ أَجْلِهِ أَخَّرَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الصَّلَاةَ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ؟ ، وَحَتَّى لَوْ لَمْ يَذْكُرْ حَرَّ الشَّمْسِ فِي شَيْءٍ مِنْ هَذَا الْخَبَرِ لَمَا كَانَ فِيهِ حُجَّةٌ لِمَنْ زَعَمَ أَنَّهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - إنَّمَا أَخَّرَ الصَّلَاةَ مِنْ أَجْلِ أَنَّ الشَّمْسَ لَمْ تَكُنْ صَفَتْ وَلَا ابْيَضَّتْ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي شَيْءٍ مِنْ الْأَخْبَارِ أَصْلًا: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: " إنَّمَا أَخَّرْتُ الصَّلَاةَ مِنْ أَجْلِ أَنَّ الشَّمْسَ لَمْ تَبْيَضَّ وَلَا ارْتَفَعَتْ؛ وَلَا أَنَّهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - قَالَ: أَمْهِلُوا حَتَّى تَرْتَفِعَ الشَّمْسُ وَتَبْيَضَّ؛ وَإِنَّمَا ذَلِكَ ظَنٌّ مِنْ بَعْضِ الرُّوَاةِ؛ وَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {إِنَّ الظَّنَّ لا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا} [يونس: ٣٦] .

عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَقُلْ قَطُّ أَبُو قَتَادَةَ وَلَا عِمْرَانُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا -: إنَّ تَأْخِيرَهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - الصَّلَاةَ إنَّمَا كَانَ لِأَنَّ الشَّمْسَ لَمْ تَكُنْ ابْيَضَّتْ، وَلَا ارْتَفَعَتْ؛ وَإِنَّمَا ذَكَرُوا صِفَةَ فِعْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - فَقَطْ؟ .

<<  <  ج: ص:  >  >>