للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَبَعَثَ فِي آثَارِهِمْ فَأُتِيَ بِهِمْ، فَقَطَعَ أَيْدِيَهُمْ وَأَرْجُلَهُمْ وَسَمَلَ أَعْيُنَهُمْ وَتَرَكَهُمْ فِي الْحَرَّةِ حَتَّى مَاتُوا» .

قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: فَهَؤُلَاءِ ارْتَدُّوا عَنْ الْإِسْلَامِ، وَالْمَالِكِيُّونَ هُمْ عَلَى خِلَافِ هَذَا الْحُكْمِ مِنْ وُجُوهٍ ثَلَاثَةٍ:

أَحَدُهَا - أَنَّهُ لَا يُقْتَلُ الْمُرْتَدُّ عِنْدَهُمْ وَلَا عِنْدَنَا هَذِهِ الْقِتْلَةَ أَصْلًا.

وَالثَّانِي - أَنَّهُ لَا يُقْتَصُّ عِنْدَهُمْ مِنْ الْمُرْتَدِّ، وَإِنَّمَا هُوَ عِنْدَهُمْ الْقَتْلُ أَوْ التَّرْكُ، إنْ تَابَ.

وَالثَّالِثُ - أَنَّهُمْ يَقُولُونَ بِاسْتِتَابَةِ الْمُرْتَدِّ، وَلَيْسَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ ذِكْرُ اسْتِتَابَتِهِ أَلْبَتَّةَ، فَعَادَ حُجَّةً عَلَيْهِمْ، وَمُخَالِفًا لِقَوْلِهِمْ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَغَيْرِهَا.

قَالَ عَلِيٌّ: وَأَمَّا الرِّوَايَةُ عَنْ عُثْمَانَ - فَضَعِيفَةٌ جِدًّا - لِأَنَّهَا عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ حَبِيبٍ وَهُوَ سَاقِطُ الرِّوَايَةِ جِدًّا - ثُمَّ عَنْ مُسْلِمِ بْنِ جُنْدُبٍ - وَلَمْ يُدْرِكْ عُثْمَانَ.

وَأَيْضًا - فَلَا حُجَّةَ فِي قَوْلِ أَحَدٍ دُونَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَكَمْ قِصَّةٍ خَالَفُوا فِيهَا عُثْمَانَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - بِأَصَحَّ مِنْ هَذَا السَّنَدِ؟ كَقَضَائِهِ فِي ثُلُثِ الدِّيَةِ فِيمَنْ ضَرَبَ آخَرَ حَتَّى سَلَحَ وَلَا يُعْرَفُ لَهُ فِي ذَلِكَ مُخَالِفٌ مِنْ الصَّحَابَةِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ -، وَمِنْ الْمُحَالِ أَنْ يَكُونَ مَا لَمْ يَصِحَّ عَنْهُ حُجَّةً فِي إبَاحَةِ الدِّمَاءِ، وَلَا يَكُونُ مَا صَحَّ عَنْهُ حُجَّةً فِي غَيْرِ ذَلِكَ؟ قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: فَإِذْ قَدْ بَطَلَ تَعَلُّقُهُمْ بِالْخَبَرَيْنِ بِمَا ذَكَرْنَا، وَبِأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ لِلْأَنْصَارِيَّةِ وَلِيٌّ صَغِيرٌ لَا خِيَارَ لَهُ؟ فَاخْتَارَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - الْقَوَدَ - هَذَا لَوْ صَحَّ أَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - لَمْ يُخَيِّرْ الْوَلِيَّ فَكَيْفَ وَهُوَ لَا يَصِحُّ أَبَدًا.

وَكَذَلِكَ الرِّعَاءُ قَدْ يُمْكِنُ أَنْ يَكُونُوا غُرَبَاءَ لَا وَلِيَّ لَهُمْ فَالْوَاجِبُ الرُّجُوعُ إلَى قَوْلِهِ تَعَالَى، وَقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - إذْ يَقُولُ تَعَالَى {فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ} [النساء: ٥٩] الْآيَةَ، فَوَجَدْنَا اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى} [البقرة: ١٧٨] إلَى قَوْله تَعَالَى {ذَلِكَ تَخْفِيفٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَرَحْمَةٌ} [البقرة: ١٧٨]

<<  <  ج: ص:  >  >>