للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَأَيْضًا - فَالْبُرْهَانُ قَدْ صَحَّ أَنَّ قَوْلَهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: «مَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً» مُتَأَخِّرٌ عَنْ أَخْبَارِ النَّهْيِ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ هُوَ رَوَى «مَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً» وَهُوَ مُتَأَخِّرُ الصُّحْبَةِ وَرَوَى أَخْبَارَ النَّهْيِ: عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ، وَعُمَرُ بْنُ عَبَسَةَ وَإِسْلَامُهُمَا قَدِيمٌ؟ .

وَبِالْجُمْلَةِ فَلَا يَقْدَحُ فِي أَحَدِ الْخَبَرَيْنِ تَأَخُّرُهُ وَلَا تَقَدُّمُهُ، إذَا أَمْكَنَ اسْتِعْمَالُهُمَا وَضَمُّ أَحَدِهِمَا إلَى الْآخَرِ؛ فَالْوَاجِبُ الْأَخْذُ بِجَمِيعِهَا كَمَا قَدَّمْنَا - وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ. وَأَمَّا قَوْلُهُمْ: إنَّنَا قَدْ أَجْمَعْنَا عَلَى تَغْلِيبِ خَبَرِ النَّهْيِ عَنْ صَوْمِ يَوْمَيْ الْفِطْرِ، وَالنَّحْرِ، وَأَيَّامِ التَّشْرِيقِ، عَلَى أَحَادِيثِ الْأَمْرِ بِقَضَاءِ رَمَضَانَ، وَالنَّذْرِ، وَالْكَفَّارَاتِ؛ فَكَذَلِكَ يَجِبُ أَنْ نُغَلِّبَ أَخْبَارَ النَّهْيِ عَنْ الصَّلَاةِ فِي الْأَوْقَاتِ الْمَذْكُورَةِ عَلَى أَحَادِيثِ الْأَمْرِ بِقَضَاءِ الصَّلَاةِ الْمَنْسِيَّةِ وَالْمَنُومِ عَنْهَا وَالنَّذْرِ وَسَائِرِ مَا أَمَرَ بِهِ مِنْ التَّطَوُّعِ -: فَهَذَا قِيَاسٌ وَالْقِيَاسُ كُلُّهُ بَاطِلٌ؟ .

وَلَعَلَّ هَذَا يَلْزَمُ مَنْ قَالَ بِالْقِيَاسِ مِنْ الْمَالِكِيِّينَ وَالشَّافِعِيِّينَ، إلَّا أَنَّهُمْ أَيْضًا يُعَارِضُونَ الْحَنَفِيِّينَ فِي هَذَا الْقِيَاسِ، بِأَنْ يَقُولُوا لَهُمْ: أَنْتُمْ أَوَّلُ مَنْ نَقَضَ هَذَا الْقِيَاسَ، وَلَمْ يَطْرُدْهُ؛ فَأَجَزْتُمْ صَلَاةَ عَصْرِ الْيَوْمِ فِي الْوَقْتِ الْمَنْهِيِّ عَنْ الصَّلَاةِ فِيهِ.

وَلَمْ تَقِيسُوا عَلَيْهِ الصُّبْحَ، وَلَا قِسْتُمُوهَا عَلَى الصُّبْحِ، ثُمَّ زِدْتُمْ إبْطَالًا لِهَذَا الْقِيَاسِ: فَجَعَلْتُمْ بَعْضَ الْوَقْتِ الْمَنْهِيِّ عَنْ الصَّلَاةِ فِيهِ جُمْلَةً يُقْضَى فِيهِ الْفَرْضُ وَيُسْجَدُ فِيهِ لِلتِّلَاوَةِ وَيُصَلَّى فِيهِ عَلَى الْجِنَازَةِ؛ وَلَا يُصَلَّى فِيهِ صَلَاةً مَنْذُورَةً، وَجَعَلْتُمْ بَعْضَهُ لَا يُصَلَّى فِيهِ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ كُلِّهِ، فَلَمْ تَقِيسُوا صَلَاةً فِي بَعْضِ

<<  <  ج: ص:  >  >>