وَعَنْ قَتَادَةَ قَالَ: يُغَرَّمُ الْقَائِدُ مَا أَوْطَأَتْ بِيَدٍ أَوْ رِجْلٍ، فَإِذَا نَفَحَتْ لَمْ يُغَرَّمْ، وَالرَّاكِبُ كَذَلِكَ، إلَّا أَنْ تَكُونَ بِالْعَنَانِ فَتَنْفَحُ فَيُغَرَّمُ.
وَعَنْ الشَّعْبِيِّ قَالَ: يُضَمَّنُ الرَّدِيفُ مَعَ صَاحِبِهِ.
وَعَنْ شُرَيْحٍ قَالَ: يُضَمَّنُ الْقَائِدُ، وَالسَّائِقُ، وَالرَّاكِبُ، وَلَا يُضَمَّنُ الدَّابَّةُ إذَا عَاقَبَتْ، قُلْت: وَمَا عَاقَبَتْ؟ قَالَ: إذَا ضَرَبَهَا رَجُلٌ فَأَصَابَتْهُ. وَعَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ: رَكِبَتْ جَارِيَةٌ جَارِيَةً فَنَخَسَتْهَا أُخْرَى فَوَقَعَتْ فَمَاتَتْ؟ فَضَمَّنَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ النَّاخِسَةَ وَالْمَنْخُوسَةَ.
وَقَالَ مَالِكٌ، وَالشَّافِعِيُّ: يُضَمَّنُ السَّائِقُ، وَالْقَائِدُ، وَالرَّاكِبُ مَا أَصَابَتْ الدَّابَّةُ، إلَّا أَنْ تَرْمَحَ مِنْ غَيْرِ فِعْلِهِمْ، فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِمْ.
وَقَالَ مَالِكٌ، وَأَبُو حَنِيفَةَ: يَضْمَنُ الرَّدِيفُ مَعَ الرَّاكِبِ.
وَقَالَ إِسْحَاقُ بْنُ رَاهْوَيْهِ لَا يَضْمَنُ الرَّدِيفُ.
وَقَالَ أَحْمَدُ: أَرْجُو أَنْ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ إذَا كَانَ أَمَامَهُ مَنْ يُمْسِكُ الْعَنَانَ.
قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: فَالْوَاجِبُ عَلَيْنَا عِنْدَ تَنَازُعِهِمْ مَا افْتَرَضَ اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْنَا، إذْ يَقُولُ تَعَالَى {فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ} [النساء: ٥٩] ، فَنَظَرْنَا فِي الرَّاكِبِ فَوَجَدْنَاهُ مُصَرِّفًا لِدَابَّتِهِ حَامِلًا لَهَا فَمَا أَصَابَتْ مِمَّا حَمَلَهَا عَلَيْهِ، فَإِنْ عَمَدَ فَعَلَيْهِ الْقِصَاصُ فِي النَّفْسِ فَمَا دُونِهَا، لِأَنَّهُ مُتَعَدٍّ مُبَاشِرٌ لِلْجِنَايَةِ - وَإِنْ كَانَ مِمَّا لَا يَضْمَنُهُ، فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ - وَهُوَ لَا يَعْلَمُ بِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ - فَهُوَ إصَابَةُ خَطَأٍ يَضْمَنُ الْمَالَ، وَعَلَى عَاقِلَتِهِ الدِّيَةُ فِي النَّفْسِ وَعَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ، لِأَنَّهُ قَاتِلُ خَطَأٍ، وَمَا أَصَابَتْ بِرَأْسِهَا، أَوْ بِعَضَّتِهَا، أَوْ بِذَنَبِهَا، أَوْ بِنَفْحَتِهَا بِالرِّجْلِ، أَوْ ضَرَبَتْ بِيَدِهَا فِي غَيْرِ الْمَشْيِ: فَلَيْسَ مِنْ فِعْلِهِ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ فِيهِ، لِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «الْعَجْمَاءُ جُرْحُهَا جُبَارٌ» .
وَأَمَّا الْقَائِدُ: فَإِنْ كَانَ يَمْسِكُ الرَّسَنَ أَوْ الْخِطَامَ فَهُوَ حَامِلٌ لِلدَّابَّةِ عَلَى مَا مَشَتْ عَلَيْهِ، فَإِنْ عَمَدَ فَالْقَوَدُ - كَمَا قُلْنَا - وَالضَّمَانُ فِي الْمَالِ، وَإِنْ لَمْ يَعْمِدْ فَهُوَ قَاتِلُ خَطَأٍ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute