للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَبِي بُرْدَةَ بْنِ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ عَنْ أَبِي مَلِيحِ بْنِ أُسَامَةَ الْهُذَلِيِّ عَنْ «وَاثِلَةَ بْنِ الْأَسْقَعِ قَالَ شَهِدْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ذَاتَ يَوْمٍ وَأَتَاهُ رَجُلٌ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إنِّي أَصَبْتُ حَدًّا مِنْ حُدُودِ اللَّهِ تَعَالَى، فَأَعْرَضَ عَنْهُ، ثُمَّ أَتَاهُ الثَّانِيَةَ فَأَعْرَضَ عَنْهُ ثُمَّ قَالَهَا الثَّالِثَةَ فَأَعْرَضَ عَنْهُ، ثُمَّ أُقِيمَتْ الصَّلَاةُ، فَلَمَّا قَضَى الصَّلَاةَ أَتَى الرَّابِعَةَ، فَقَالَ: أَصَبْت حَدًّا مِنْ حُدُودِ اللَّهِ فَأَقِمْ فِي حَدَّ اللَّهِ قَالَ: أَلَمْ تُحْسِنْ الطُّهُورَ - أَوْ الْوُضُوءَ - ثُمَّ شَهِدْتَ الصَّلَاةَ مَعَنَا آنِفًا؟ اذْهَبْ فَهِيَ كَفَّارَتُكَ» .

وَمِنْ طَرِيقِ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ ثنا زَيْدُ بْنُ الْحُبَابِ عَنْ عِكْرِمَةَ بْنِ عَمَّارٍ نا شَدَّادُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ «الْبَاهِلِيِّ قَالَ كُنْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الْمَسْجِدِ فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ: إنِّي أَصَبْتُ حَدًّا فَأَقِمْ عَلَيَّ وَأُقِيمَتْ الصَّلَاةُ فَصَلَّى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الْمَسْجِدِ ثُمَّ خَرَجَ - وَمَعَهُ الرَّجُلُ - وَتَبِعْتُهُ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَقِمْ عَلَيَّ حَدِّي فَإِنِّي أَصَبْتُهُ، فَقَالَ: أَلَيْسَ حِينَ خَرَجْتَ مِنْ مَنْزِلِكَ تَوَضَّأْتَ فَأَحْسَنْتَ الْوُضُوءَ وَشَهِدْتَ مَعَنَا الصَّلَاةَ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: فَإِنَّ اللَّهَ قَدْ غَفَرَ لَكَ ذَنْبَكَ - أَوْ حَدَّكَ» .

قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: وَقَدْ رُوِّينَا هَذَا الْخَبَرَ - وَفِيهِ " إنِّي زَنَيْت " كَمَا ثنا الْمُهَلَّبُ بْنُ أَبِي صُفْرَةَ الْأَسَدِيُّ التَّمِيمِيُّ ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إبْرَاهِيمَ الْأَصِيلِيُّ نا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ الصَّوَّافُ نا أَحْمَدُ بْنُ هَارُونَ بْنِ رَوْحٍ الْبَرْذَنْجِيُّ نا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ الْوَاسِطِيُّ نا عَمْرُو بْنُ عَاصِمٍ عَنْ هَمَّامِ بْنِ يَحْيَى عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ عَنْ أَنَسٍ «أَنَّ رَجُلًا أَتَى النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إنِّي زَنَيْتُ فَأَقِمْ عَلَيَّ الْحَدَّ، ثُمَّ أُقِيمَتْ الصَّلَاةُ، فَصَلَّى مَعَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَدْ كَفَّرَ عَنْكَ بِصَلَاتِكَ» .

قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَقَالُوا: قَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَادًا} [المائدة: ٣٣] الْآيَةَ إلَى قَوْلِهِ: {إِلا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَقْدِرُوا عَلَيْهِمْ} [المائدة: ٣٤]

قَالُوا: فَصَحَّ النَّصُّ مِنْ الْقُرْآنِ وَصَحَّ الْإِجْمَاعُ بِأَنَّ حَدَّ الْمُحَارَبَةِ تُسْقِطُهُ التَّوْبَةُ قَبْلَ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِمْ، فَوَجَبَ أَنْ تَكُونَ جَمِيعُ الْحُدُودِ مِنْ: الزِّنَى، وَالسَّرِقَةِ، وَالْقَذْفِ، وَشُرْبِ الْخَمْرِ كَذَلِكَ، لِأَنَّهَا كُلَّهَا حُدُودٌ وَقَعَتْ التَّوْبَةُ قَبْلَ الْقُدْرَةِ عَلَى أَهْلِهَا.

<<  <  ج: ص:  >  >>