للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَقُولُ؟ فَجَعَلْتُ أَعْرِضُ بَيْنَهُمَا بِكَلَامٍ مَخَافَةَ أَنْ يَسْمَعَهَا فَيَدْعُوَ عَلَى قَوْمِي دَعْوَةً لَا يُفْلِحُونَ بَعْدَهُ، قَالَ: فَلَمْ يَزَلْ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَتَّى فَهِمَهَا؟ قَالَ: قَدْ قَالُوهَا؟ وَقَالَ قَائِلُهَا مِنْهُمْ: وَاَللَّهِ لَوْ فَعَلْتُهَا لَكَانَ عَلَيَّ وَمَا كَانَ عَلَيْهِمْ، خَلُّوا لَهُ عَنْ جِيرَانِهِ» .

وَبِهِ - إلَى عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ أَخْبَرَنِي يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْأَنْصَارِيُّ عَنْ عِرَاكِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: «أَقْبَلَ رَجُلَانِ مِنْ بَنِي غِفَارٍ حَتَّى نَزَلَا مَنْزِلًا بِضَجِنَانَ مِنْ مِيَاهِ الْمَدِينَةِ، وَعِنْدَهَا نَاسٌ مِنْ غَطَفَانَ مَعَهُمْ ظَهْرٌ لَهُمْ، فَأَصْبَحَ الْغَطَفَانِيُّونَ قَدْ أَضَلُّوا بَعِيرَيْنِ مِنْ إبِلِهِمْ فَاتَّهَمُوا بِهِمَا الْغِفَارِيِّينَ، فَأَقْبَلُوا إلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَذَكَرُوا أَمْرَهُمْ، فَحَبَسَ أَحَدَ الْغِفَارِيِّينَ، وَقَالَ لِلْآخَرِ: اذْهَبْ فَالْتَمِسْ؟ فَلَمْ يَكُنْ إلَّا يَسِيرًا حَتَّى جَاءَ بِهِمَا، فَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِأَحَدِ الْغِفَارِيِّينَ - حَسِبْتُ أَنَّهُ الْمَحْبُوسُ - اسْتَغْفِرْ لِي؟ فَقَالَ: غَفَرَ اللَّهُ لَكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ -: وَلَكَ وَقَتَلَكَ فِي سَبِيلِهِ، قَالَ: فَقُتِلَ يَوْمَ الْيَمَامَةِ» .

قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: وَذَهَبَ إلَى هَذَا قَوْمٌ، كَمَا رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ: كَتَبَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ كِتَابًا قَرَأْته: إذَا وُجِدَ الْمَتَاعُ مَعَ الرَّجُلِ الْمُتَّهَمِ فَقَالَ: ابْتَعْته فَاشْدُدْهُ فِي السِّجْنِ وَثَاقًا، وَلَا تَحُلُّهُ بِكِتَابِ أَحَدٍ حَتَّى يَأْتِيَهُ فِيهِ أَمْرُ اللَّهِ تَعَالَى، قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ: فَذَكَرْت ذَلِكَ لِعَطَاءٍ فَأَنْكَرَهُ.

وَذَهَبَ آخَرُونَ - إلَى الْمَنْعِ مِنْ الْحَبْسِ بِالتُّهْمَةِ، كَمَا رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ نا ابْنُ جُرَيْجٍ، قَالَ: سَمِعْت عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أَبِي مُلَيْكَةَ يَقُولُ: أَخْبَرَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي عَامِرٍ قَالَ: انْطَلَقْت فِي رَكْبٍ حَتَّى إذَا جِئْنَا ذَا الْمَرْوَةِ سُرِقَتْ عَيْبَةٌ لِي، وَمَعَنَا رَجُلٌ مُتَّهَمٌ، فَقَالَ أَصْحَابِي: يَا فُلَانُ اُرْدُدْ عَلَيْهِ عَيْبَتَهُ؟ فَقَالَ: مَا أَخَذْتهَا: فَرَجَعْت إلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فَأَخْبَرْته، فَقَالَ: مَنْ أَنْتُمْ؟ فَعَدَدْتهمْ، فَقَالَ: أَظُنُّهَا صَاحِبُهَا لِلَّذِي أَتَّهِمُ؟ فَقُلْت: لَقَدْ أَرَدْت يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْ تَأْتِيَ بِهِ مُصَفَّدًا، فَقَالَ عُمَرُ: أَتَأْتِي بِهِ مَصْفُودًا بِغَيْرِ بَيِّنَةٍ، لَا أَكْتُبُ لَك فِيهَا، وَلَا أَسْأَلُك عَنْهَا، وَغَضِبَ وَمَا كَتَبَ لِي فِيهَا، وَلَا سَأَلَ عَنْهَا، فَأَنْكَرَ عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنْ يُصَفَّدَ أَحَدٌ بِغَيْرِ بَيِّنَةٍ.

قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: فَنَظَرْنَا فِي ذَلِكَ فَوَجَدْنَا الْأَحَادِيثَ الْمَذْكُورَةَ لَا حُجَّةَ

<<  <  ج: ص:  >  >>