بِمَا حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْبَرِّ النَّمَرِيُّ ثنا خَلَفُ بْنُ الْقَاسِمِ ثنا أَحْمَدُ بْنُ سَعْدٍ الْمِهْرَانِيُّ ثنا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ ثنا أَبُو مُعَاوِيَةَ مُحَمَّدُ بْنُ خَازِمٍ عَنْ إسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ عَنْ قَيْسِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ عَنْ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْبَجَلِيِّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - «أَنَا بَرِيءٌ مِنْ كُلِّ مُسْلِمٍ مُقِيمٍ بَيْنَ أَظْهُرِ الْمُشْرِكِينَ» .
قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: وَسَنَسْتَقْصِي الْكَلَامَ - إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى - فِي هَذَا فِي " كِتَابِ الرِّدَّةِ " مِنْ هَذَا الْكِتَابِ.
فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: إنَّمَا ذَكَرَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - هَاهُنَا مَعَ ذِكْرِ الْعَبْدِ الْآبِقِ، فَصَحَّ أَنَّهُ إنَّمَا عَنَى بِذَلِكَ الْمَمَالِيكَ فَقَطْ؟ قُلْنَا وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ: لَيْسَ الْإِبَاقُ لَفْظًا مَوْقُوفًا عَلَى الْمَمَالِيكِ الَّذِينَ لَنَا فَقَطْ، بَلْ كُلُّ مَنْ هَرَبَ عَنْ سَيِّدِهِ وَمَالِكِهِ فَهُوَ آبِقٌ، وَاَللَّهُ تَعَالَى مَالِكُ الْجَمِيعِ، وَالْكُلُّ عَبِيدُهُ وَمَمَالِيكُهُ، فَمَنْ هَرَبَ عَنْ جَمَاعَةِ اللَّهِ تَعَالَى، وَعَلَى دَارِ دِينِ اللَّهِ تَعَالَى إلَى دَارِ أَعْدَاءِ اللَّهِ تَعَالَى الْمُحَارِبِينَ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فَهُوَ آبِقٌ.
بُرْهَانُ ذَلِكَ: قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى {وَإِنَّ يُونُسَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ - إِذْ أَبَقَ إِلَى الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ} [الصافات: ١٣٩ - ١٤٠] فَقَدْ سَمَّى اللَّهُ تَعَالَى فِعْلَ يُونُسَ رَسُولِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُوَ حُرٌّ بِلَا خِلَافٍ - إذْ فَرَّ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ تَعَالَى إبَاقًا - فَصَحَّ أَنَّ الْإِبَاقَ لِكُلِّ حُرٍّ وَعَبْدٍ - وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ.
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَبِيعٍ ثنا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ ثنا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ قُدَامَةَ عَنْ جَرِيرٍ عَنْ الْمُغِيرَةِ بْنِ مِقْسَمٍ عَنْ الشَّعْبِيِّ قَالَ: كَانَ جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ يُحَدِّثُ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «إذَا أَبَقَ الْعَبْدُ لَمْ تُقْبَلْ لَهُ صَلَاةٌ وَإِنْ مَاتَ مَاتَ كَافِرًا؟ فَأَبَقَ غُلَامٌ لِجَرِيرٍ فَأَخَذَهُ فَضَرَبَ عُنُقَهُ» .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute