وُجُودِهِ، بَلْ الْغَرَضُ إثْبَاتُ الزِّنَى الْمُحَرَّمِ، وَالْقَذْفِ الْمُحَرَّمِ، وَالسَّرِقَةِ الْمُحَرَّمَةِ، وَالشُّرْبِ الْمُحَرَّمِ، وَالْكُفْرِ الْمُحَرَّمِ فَقَطْ، وَلَا مَزِيدَ، وَبَيَانُ ذَلِكَ: قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ} [النور: ٤] الْآيَةَ.
فَصَحَّ بِهَذِهِ الْآيَةِ: أَنَّ الْوَاجِبَ إنَّمَا هُوَ إثْبَاتُ الزِّنَى فَقَطْ، وَهُوَ الَّذِي رَمَاهَا بِهِ، وَلَا مَعْنَى لِذِكْرِهِ الَّتِي رَمَاهَا وَلَا سُكُوتِهِ عَنْهُ، فَلَيْسَ عَلَيْهِ أَنْ يَأْتِيَ بِأَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ: عَلَى أَنَّ الَّذِي رَمَاهَا بِهِ مِنْ الزِّنَى حَقٌّ، وَلَا نُبَالِي عَمَلًا وَاحِدًا كَانَ أَوْ أَرْبَعَةَ أَعْمَالٍ، لِأَنَّ كُلَّ ذَلِكَ زِنًا.
وَكَذَلِكَ إنْ شُهِدَ عَلَيْهِ بِالْقَذْفِ لِمُحْصَنَةٍ، فَقَدْ ثَبَتَ عَلَيْهِ بِالْقُرْآنِ ثَمَانُونَ جَلْدَةً، وَلَمْ يَحُدَّ اللَّهُ تَعَالَى أَنْ يَكُونَ فِي الشَّهَادَةِ ذِكْرُ الزَّمَانِ، وَلَا ذِكْرُ الْمَكَانِ فَالزِّيَادَةُ لِهَذَا بَاطِلٌ بِيَقِينٍ، لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَمْ يَأْمُرْ بِهِ، وَلَا بِمُرَاعَاتِهِ.
وَكَذَلِكَ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا} [المائدة: ٣٨] فَحَسْبُنَا، وَصِحَّةُ الشَّهَادَةِ بِأَنَّهَا سَارِقَةٌ، أَوْ أَنَّهُ سَارِقٌ، وَلَمْ نَجِدْ اللَّهَ تَعَالَى ذَكَرَ الزَّمَانَ، أَوْ الْمَكَانَ، أَوْ الْمَسْرُوقَ مِنْهُ، أَوْ الشَّيْءَ الْمَسْرُوقَ، فَمُرَاعَاةُ ذَلِكَ بَاطِلٌ بِيَقِينٍ لَا شَكَّ فِيهِ.
وَهَكَذَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «إذَا شَرِبَ الْخَمْرَ فَاجْلِدُوهُ» فَأَوْجَبَ الْجَلْدَ بِشُرْبِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute