للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَقِينٍ مِنْ أَنَّهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - قَدْ صَدَقَ فِي ذَلِكَ، وَأَنَّهُ عَلَى الْحَقِيقَةِ يَظُنُّ أَنَّهُ لَمْ يَسْرِقْ، وَلَيْسَ فِي هَذَا تَلْقِينٌ لَهُ، وَلَا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ السَّتْرَ أَفْضَلُ - فَبَطَلَ تَعَلُّقُهُمْ بِهَذَا الْخَبَرِ جُمْلَةً.

وَأَمَّا حَدِيثُ مُسْلِمٍ فِي الْإِجْهَادِ فَلَا حُجَّةَ فِيهِ لِوَجْهَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ مِنْ رِوَايَةِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَخِي الزُّهْرِيِّ، وَهُوَ ضَعِيفٌ.

وَالثَّانِي: أَنَّهُ لَوْ صَحَّ لَمَا كَانَتْ لَهُمْ فِيهِ حُجَّةٌ أَصْلًا، لِأَنَّ الْإِجْهَادَ الْمَذْكُورَ إنَّمَا هُوَ مَا ذَكَرَهُ الْمَرْءُ مُفْتَخِرًا بِهِ، لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي هَذَا الْخَبَرِ أَنَّهُ يُخْبِرُ بِهِ الْإِمَامُ مُعْتَرِفًا لِيُقَامَ عَلَيْهِ كِتَابُ اللَّهِ تَعَالَى، وَإِنَّمَا فِيهِ ذَمُّ الْمُجَاهَرَةِ بِالْمَعْصِيَةِ - وَهَذَا لَا شَكَّ فِيهِ حَرَامٌ.

ثُمَّ نَظَرْنَا فِي حَدِيثِ مُسْلِمٍ الَّذِي رَوَاهُ ابْنُ شِهَابٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، وَسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَعْرَضَ عَنْ الْمُعْتَرِفِ مَرَّاتٍ» فَوَجَدْنَاهُ صَحِيحًا لَا دَاخِلَةَ فِيهِ لِأَحَدٍ، إلَّا أَنَّهُ لَا حُجَّةَ لَهُمْ فِيهِ، لِأَنَّ النَّاسَ فِي سَبَبِ إعْرَاضِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْهُ عَلَى قَوْلَيْنِ: فَطَائِفَةٌ قَالَتْ: إنَّمَا أَعْرَضَ عَنْهُ، لِأَنَّ الْإِقْرَارَ بِالزِّنَى لَا يَتِمُّ إلَّا

<<  <  ج: ص:  >  >>