للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هَؤُلَاءِ: فَطَائِفَةٌ تَقُولُ بِهِ فِي الْأَحْرَارِ، وَلَا تَقُولُ بِهِ فِي الْعَبِيدِ، وَالنِّسَاءِ، وَالْإِمَاءِ، وَالْحَرَائِرِ

فَاَلَّذِينَ يَقُولُونَ بِالنَّفْيِ الْمُؤَقَّتِ جُمْلَةً اخْتَلَفُوا: فَطَائِفَةٌ جَعَلَتْ حَدَّ الْإِمَاءِ وَالْعَبِيدِ فِيهِ نِصْفَ حَدِّ الْحُرِّ وَالْحُرَّةِ - وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ، وَأَصْحَابِهِ

وَطَائِفَةٌ جَعَلَتْ فِيهِ حَدَّ الْإِمَاءِ خَاصَّةً عَلَى النِّصْفِ مِنْ حَدِّ الْحَرَائِرِ، وَجَعَلَتْ فِيهِ حَدَّ الْعَبِيدِ كَحَدِّ الْأَحْرَارِ - وَهُوَ قَوْلُ أَبِي سُلَيْمَانَ، وَأَصْحَابِنَا

أَمَّا الطَّائِفَةُ الَّتِي لَا تَقُولُ بِالنَّفْيِ الْمُؤَقَّتِ، فَهُمْ: أَبُو حَنِيفَةَ، وَأَصْحَابُهُ

وَأَمَّا الطَّائِفَةُ الَّتِي قَالَتْ بِهِ فِي الْأَحْرَارِ خَاصَّةً، وَلَمْ يَقُولُوا بِهِ فِي الْعَبِيدِ، وَلَا فِي الْإِمَاءِ، وَلَا فِي الْحَرَائِرِ، فَهُمْ: مَالِكٌ، وَأَصْحَابُهُ

وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: حَدُّ الْعَبِيدِ، وَالْإِمَاءِ فِي جَلْدِ الزِّنَى عَلَى نِصْفِ حَدِّ الْأَحْرَارِ وَالْحَرَائِرِ، وَحَدُّ الْعَبِيدِ، وَالْإِمَاءِ فِي الْقَذْفِ كَحَدِّ الْحُرِّ، وَالْحُرَّةِ - وَهُوَ قَوْلٌ رُوِيَ عَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، وَغَيْرِهِ

قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: وَاَلَّذِي نَقُولُ بِهِ إنَّهُ حَدُّ الْمَمَالِيكِ ذُكُورِهِمْ، وَإِنَاثِهِمْ فِي الْجَلْدِ، وَالنَّفْيِ الْمُؤَقَّتِ، وَالْقَطْعِ: عَلَى النِّصْفِ مِنْ حَدِّ الْحُرِّ وَالْحُرَّةِ - وَهُوَ كُلُّ مَا يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ لَهُ نِصْفٌ

وَأَمَّا مَا لَا يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ لَهُ نِصْفٌ مِنْ الْقَتْلِ بِالسَّيْفِ، أَوْ الصَّلْبِ، أَوْ النَّفْيِ الَّذِي لَا وَقْتَ لَهُ: فَالْمَمَالِيكُ، وَالْأَحْرَارُ فِيهِ سَوَاءٌ

قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: فَأَمَّا أَقْوَالُ مَنْ ذَكَرْنَا فَالتَّنَاقُضُ فِيهَا ظَاهِرٌ لَا خَفَاءَ بِهِ، وَمَا نَعْلَمُ لَهُمْ شُبْهَةً أَصْلًا، وَسَنَذْكُرُ أَقْوَالَهُمْ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى - إلَّا أَنْ يَقُولَ قَائِلٌ: إنَّ الْقَطْعَ لَا يُمْكِنُ تَنْصِيفُهُ، فَهُوَ خَطَأٌ مِنْ قِبَلِ الْآثَارِ، وَمِنْ قِبَلِ الْحِسِّ وَالْمُشَاهَدَةِ

فَأَمَّا مِنْ قِبَلِ الْحِسِّ وَالْمُشَاهَدَةِ: فَإِنَّ الْيَدَ مَعْرُوفَةُ الْمِقْدَارِ، فَقَطْعُ نِصْفِهَا مُمْكِنٌ ظَاهِرٌ بِالْعِيَانِ - وَهُوَ قَطْعُ الْأَنَامِلِ فَقَطْ وَيَبْقَى الْكَفُّ - وَقَدْ وَجَدْنَاهُمْ يُوقِعُونَ عَلَى الْأَنَامِلِ خَاصَّةً حُكْمَ الْيَدِ، فَلَا يَخْتَلِفُونَ فِيمَنْ قُطِعَتْ أَنَامِلُهُ كُلُّهَا أَنَّ لَهُ دِيَةَ يَدٍ، فَمَنْ قَطَعَ الْأَنَامِلَ خَاصَّةً فَقَدْ وَافَقَ النَّصَّ، لِأَنَّهُ قَطَعَ مَا يَقَعُ عَلَيْهِ اسْمُ يَدٍ - كَمَا أَمَرَهُ اللَّهُ تَعَالَى -

<<  <  ج: ص:  >  >>