قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: وَقَدْ رُوِيَ عَنْ بَعْضِ مَنْ ذَكَرْنَا، وَغَيْرِهِمْ: جَوَازُ عَفْوِ السَّيِّدِ عَنْ مَمَالِيكِهِ فِي الْحُدُودِ: كَمَا نا حُمَامٌ نا ابْنُ مُفَرِّجٍ نا ابْنُ الْأَعْرَابِيِّ نا الدَّبَرِيُّ نا عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ رَجُلٍ عَنْ سَلَّامٍ بْنِ مِسْكِينٍ أَخْبَرَنِي عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي فَضَالَةَ أَنَّ صَالِحَ بْنَ كَرِيزٍ حَدَّثَهُ أَنَّهُ جَاءَ بِجَارِيَةٍ لَهُ زَنَتْ إلَى الْحَكَمِ بْنِ أَيُّوبَ، قَالَ: فَبَيْنَمَا أَنَا جَالِسٌ إذْ جَاءَ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ فَجَلَسَ فَقَالَ: يَا صَالِحُ مَا هَذِهِ الْجَارِيَةُ مَعَك؟ قُلْت: جَارِيَتُنَا بَغَتْ فَأَرَدْت أَنْ أَرْفَعَهَا إلَى الْإِمَامِ لِيُقِيمَ عَلَيْهَا الْحَدَّ؟ قَالَ: لَا تَفْعَلْ، رُدَّ جَارِيَتَك، وَاتَّقِ اللَّهَ وَاسْتُرْ عَلَيْهَا؟ قُلْت: مَا أَنَا بِفَاعِلٍ حَتَّى أَرْفَعَهَا، قَالَ لَهُ أَنَسٌ: لَا تَفْعَلْ وَأَطِعْنِي، قَالَ صَالِحٌ: فَلَمْ يَزَلْ يُرَاجِعُنِي حَتَّى قُلْت لَهُ: أَرُدُّهَا عَلَى أَنَّ مَا كَانَ عَلَيَّ مِنْ ذَنْبٍ فَأَنْتَ لَهُ ضَامِنٌ؟ فَقَالَ أَنَسٌ: نَعَمْ، قَالَ: فَرَدَدْتهَا
وَعَنْ إبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ فِي الْأَمَةِ تَزْنِي، قَالَ: تُجْلَدُ خَمْسِينَ، فَإِنْ عَفَا عَنْهَا سَيِّدُهَا فَهُوَ أَحَبُّ إلَيْنَا، قَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ: وَبِهِ نَأْخُذُ
قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: وَهَذَانِ أَثَرَانِ سَاقِطَانِ، لِأَنَّهُمَا عَمَّنْ لَمْ يُسَمَّ وَأَمَّا مَنْ فَرَّقَ بَيْنَ ذَاتِ الزَّوْجِ وَغَيْرِ ذَاتِ الزَّوْجِ
فَكَمَا نا حُمَامٌ نا ابْنُ مُفَرِّجٍ نا ابْنُ الْأَعْرَابِيِّ نا الدَّبَرِيُّ نا عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: فِي الْأَمَةِ إذَا كَانَتْ لَيْسَتْ بِذَاتِ زَوْجٍ فَظَهَرَ مِنْهَا فَاحِشَةٌ جُلِدَتْ نِصْفَ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنْ الْعَذَابِ يَجْلِدُهَا سَيِّدُهَا فَإِنْ كَانَتْ مِنْ ذَوَاتِ الْأَزْوَاجِ رُفِعَ أَمْرُهَا إلَى الْإِمَامِ
وَعَنْ رَبِيعَةَ أَنَّهُ قَالَ: إحْصَانُ الْمَمْلُوكَةِ أَنْ تَكُونَ ذَاتَ زَوْجٍ، فَيُذْكَرَ مِنْهَا فَاحِشَةٌ فَلَا يُصَدَّقُ عَلَيْهَا سَيِّدُهَا، وَالزَّوْجُ يَذُبُّ عَنْ وَلَدِهِ، وَعَنْ رَحِمِهَا، وَعَنْ مَا بِيَدِهِ، فَلَيْسَ يُقِيمُ الْفَاحِشَةَ عَلَيْهَا إلَّا بِشَهَادَةِ أَرْبَعَةٍ، وَلَا يُقِيمُ الْحَدَّ عَلَيْهَا إذَا ثَبَتَ إلَّا السُّلْطَانُ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {فَإِذَا أُحْصِنَّ فَإِنْ أَتَيْنَ بِفَاحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ} [النساء: ٢٥]
وَأَمَّا مَنْ فَرَّقَ بَيْنَ الْجَلْدِ فِي الزِّنَى، وَالْخَمْرِ، وَالْقَذْفِ، وَبَيْنَ الْقَطْعِ فِي السَّرِقَةِ، فَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ، وَاللَّيْثِ: وَمَا نَعْلَمُهُ عَنْ أَحَدٍ قَبْلَهُمَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute