للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَهَكَذَا أَيْضًا - رَوَاهُ خَالِدُ بْنُ الْحَارِثِ عَنْ ابْنِ عَجْلَانَ عَنْ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، فَلَمْ يَذْكُرُوا زِنَاهَا الْمَرَّةَ الثَّالِثَةَ جَلْدًا، بَلْ ذَكَرُوا الْبَيْعَ فَقَطْ

وَعَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنْ يُقَامَ الْحَدُّ عَلَيْهَا ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، ثُمَّ تُبَاعُ بَعْدَ الثَّالِثَةِ مَعَ الْجَلْدِ - وَهَكَذَا رَوَاهُ سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ

قَالَ عَلِيٌّ: فَوَجَبَ أَنْ يُلْغَى الشَّكُّ وَيَسْتَقِرَّ الْبَيْعُ بَعْدَ الثَّالِثَةِ مَعَ الْجَلْدِ - وَالطُّرُقُ كُلُّهَا فِي ذَلِكَ فِي غَايَةِ الصِّحَّةِ، وَكُلُّ مَا صَحَّ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَهُوَ عَنْ اللَّهِ تَعَالَى، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى - إِنْ هُوَ إِلا وَحْيٌ يُوحَى} [النجم: ٣ - ٤] فَإِذْ ذَلِكَ كَذَلِكَ فَأَمْرُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالْبَيْعِ فِي الثَّالِثَةِ نَدْبٌ

بُرْهَانُ ذَلِكَ: أَمْرُهُ بِالْبَيْعِ فِي الرَّابِعَةِ لَا يُمْكِنُ أَلْبَتَّةَ إلَّا هَذَا، لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ أَمْرُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الثَّالِثَةِ فَرْضًا لَمَا أَبَاحَ حَبْسَهَا إلَى الرَّابِعَةِ

وَأَمَّا الْبَيْعُ فِي الرَّابِعَةِ فَفَرْضٌ لَا بُدَّ مِنْهُ، لِأَنَّ أَوَامِرَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى الْفَرْضِ لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ} [النور: ٦٣] الْآيَةَ

قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: وَيُجْبِرُهُ السُّلْطَانُ عَلَى بَيْعِهَا أَحَبَّ أَمْ كَرِهَ بِمَا يَنْتَهِي إلَيْهِ الْعَطَاءُ فِيهَا، وَلَا يَتَأَتَّى بِهَا طَلَبُ زِيَادَةٍ، وَلَا سَوْقٍ، كَمَا أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ تُبَاعَ - وَلَوْ بِحَبْلٍ مِنْ شَعْرٍ، أَوْ ضَفِيرٍ مِنْ شَعْرٍ - إذَا لَمْ يُوجَدْ فِيهَا إلَّا ذَلِكَ، فَإِنْ زَنَتْ فِي خِلَالِ تَعْرِيضِهَا لِلْبَيْعِ، أَوْ قَبْلَ أَنْ تُعْرَضَ حَدّهَا أَيْضًا، لِعُمُومِ أَمْرِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - بِجَلْدِهَا إنْ زَنَتْ - وَكَذَلِكَ إنْ غَابَ السَّيِّدُ أَوْ مَاتَ، فَلَا بُدَّ مِنْ بَيْعِهَا عَلَى الْوَرَثَةِ ضَرُورَةً - فَإِنْ كَانَتْ لِصِغَارٍ جَلَدَهَا الْوَلِيُّ أَوْ الْكَافِلُ، لِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - فِي رِوَايَةِ مَالِكٍ عَنْ الزُّهْرِيِّ فَاجْلِدُوهَا، فَهُوَ عُمُومٌ لِكُلِّ مَنْ قَامَ بِهِ، وَلَا يَلْزَمُ الْبَيْعُ فِي الْعَبْدِ إذَا زَنَى، لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - إنَّمَا أَمَرَ بِذَلِكَ الْأَمَةَ إذَا زَنَتْ {وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى - إِنْ هُوَ إِلا وَحْيٌ يُوحَى} [النجم: ٣ - ٤]

{وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ} [الطلاق: ١] وَكَذَلِكَ إنْ سَرَقَتْ الْأَمَةُ أَوْ شَرِبَتْ الْخَمْرَ، فَإِنَّهَا تُحَدُّ وَلَا يَلْزَمُ بَيْعُهَا، لِأَنَّ النَّصَّ إنَّمَا جَاءَ فِي زِنَاهَا فَقَطْ {وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيًّا} [مريم: ٦٤]

قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: فَلَوْ أَعْتَقَهَا السَّيِّدُ إذَا تَبَيَّنَ زِنَاهَا لَمْ يُنَفَّذْ عِتْقُهُ بَلْ هُوَ

<<  <  ج: ص:  >  >>