فِي حَالِ الْغَائِطِ، أَوْ الْبَوْلِ، وَلَا فَرْقَ، وَانْقِطَاعُ ذَلِكَ الدَّمِ قَرِيبٌ، إنَّمَا هِيَ سَاعَةٌ أَوْ سَاعَتَانِ - وَلَمْ يَقُلْ فِي الْحَدِيثِ إذَا طَهُرَتْ، إنَّمَا قَالَ: إذَا جَفَّتْ مِنْ دَمِهَا
فَبَطَلَ أَنْ يَكُونَ لَهُمْ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَيْنِك الْحَدِيثَيْنِ مُتَعَلِّقٌ أَصْلًا
فَإِذْ قَدْ سَقَطَ أَنْ يَكُونَ لِتِلْكَ الطَّائِفَةِ مُتَعَلِّقٌ، فَالْوَاجِبُ أَنْ نَنْظُرَ - بِعَوْنِ اللَّهِ فِيمَا قَالَتْ بِهِ الطَّائِفَةُ الْأُخْرَى: فَنَظَرْنَا فِي الْحَدِيثِ الَّذِي أَوْرَدْنَا مِنْ جَلْدِ الْمُزْمِنِ الْمَرِيضِ بِشَمَارِيخَ فِيهَا مِائَةُ عُثْكُولٍ: فَوَجَدْنَا الطَّرِيقَ الَّذِي صَدَّرْنَا بِهِ مِنْ طَرِيقِ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ طَرِيقًا جَيِّدًا تَقُومُ بِهِ الْحُجَّةُ، وَوَجَدْنَاهُمْ يَحْتَجُّونَ بِأَمْرِ أَيُّوبَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ -
وَقَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: أَمَّا نَحْنُ فَلَا نَحْتَجُّ بِشَرِيعَةِ نَبِيٍّ غَيْرِ نَبِيِّنَا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى {لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا} [المائدة: ٤٨]
وَلَمَّا قَدْ أَحْكَمْنَا فِي كِتَابِنَا الْمَوْسُومِ بِ " الْإِحْكَامُ لِأُصُولِ الْأَحْكَامِ "
قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: وَحَتَّى لَوْ لَمْ يَصِحَّ فِي هَذَا حَدٌّ، لَكَانَ قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى: {لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلا وُسْعَهَا} [البقرة: ٢٨٦] مُوجِبًا أَنْ لَا يُجْلَدَ أَحَدٌ إلَّا عَلَى حَسَبِ طَاقَتِهِ مِنْ الْأَلَمِ، وَكَانَ نَصًّا جَلِيًّا فِي ذَلِكَ لَا يَجُوزُ مُخَالَفَتُهُ أَصْلًا.
وَبِضَرُورَةِ الْعَقْلِ نَدْرِي أَنَّ ابْنَ نَيِّفٍ وَثَلَاثِينَ قَوِيُّ الْجِسْمِ، مُصَبَّرُ الْخُلُقِ، يَحْمِلُ مِنْ الضَّرْبِ مِنْ قُوَّتِهِ مَا لَا يَحْمِلُهُ الشَّيْخُ ابْنُ ثَمَانِينَ، وَالْغُلَامُ ابْنُ خَمْسَةَ عَشَرَ عَامًا، - وَأَرْبَعَةَ عَشَرَ عَامًا - إذَا بَلَغَ - وَأَصَابَ حَدًّا
وَكَذَلِكَ يُؤْلَمُ الشَّيْخُ الْكَبِيرُ، وَالْغُلَامُ الصَّغِيرُ، مِنْ الْجَلْدِ مَا لَا يُؤْلِمُ ابْنَ الثَّلَاثِينَ الشَّابُّ الْقَوِيُّ، بَلْ لَا يَكَادُ يَحُسُّ إلَّا حِسًّا لَطِيفًا مَا يُؤْلِمُ ذَيْنِك الْأَلَمَ الشَّدِيدَ وَأَنَّ الَّذِي يُؤْلِمُ الشَّابَّ الْقَوِيَّ، لَوْ قُوبِلَ بِهِ الشَّيْخُ الْهَرَمُ، وَالصَّغِيرُ النَّحِيفُ، مِنْ الْجَلْدِ لَقَتَلَهُمَا، هَذَا أَمْرٌ لَا يَدْفَعُهُ إلَّا مَدَافِعُ لِلْحِسِّ وَالْمُشَاهَدَةِ
وَوَجَدْنَا الْمَرِيضَ يُؤْلِمُهُ أَقَلُّ شَيْءٍ مِمَّا لَا يَحُسُّهُ الصَّحِيحُ أَصْلًا، إلَّا كَمَا يَحُسُّ بِثِيَابِهِ الَّتِي لَيْسَ لِحِسِّهِ لَهَا فِي الْأَلَمِ سَبِيلٌ أَصْلًا، وَعَلَى حَسَبِ شِدَّةِ الْمَرَضِ يَكُونُ تَأَلُّمُهُ لِلْكَلَامِ، وَلِلتَّلَفِ، وَلِلَمْسِ الْيَدِ بِلُطْفٍ، هَذَا مَا لَا شَكَّ فِيهِ أَصْلًا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute