للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقَالَ تَعَالَى {فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ} [النساء: ٢٥] .

وَفَرَّقَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - بَيْنَ حَدِّ الْمَمْلُوكِ، وَحَدِّ الْحُرِّ فِي حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَعَلَى الَّذِي أَوْرَدْنَا قَبْلُ فِي بَابِ حَدِّ الْمَمَالِيكِ فَصَحَّ النَّصُّ أَنَّ عَلَى الْمَمَالِيكِ ذُكُورِهِمْ وَإِنَاثِهِمْ - نِصْفَ حَدِّ الْحُرِّ وَالْحُرَّةِ، وَذَلِكَ جَلْدُ خَمْسِينَ وَنَفْيُ سِتَّةِ أَشْهُرٍ.

قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: ثُمَّ نَظَرْنَا فِي قَوْلِ مَنْ لَمْ يَرَ التَّغْرِيبَ عَلَى النِّسَاءِ وَالْمَمَالِيكِ، فَوَجَدْنَاهُمْ يَذْكُرُونَ الْخَبَرَ الَّذِي قَدْ أَوْرَدْنَاهُ قَبْلُ بِإِسْنَادِهِ، فَأَغْنَى عَنْ تَرْدَادِهِ، وَهُوَ قَوْلُهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - «إذَا زَنَتْ أَمَةُ أَحَدِكُمْ فَلْيَجْلِدْهَا وَلَا يُثَرِّبْ» فَلَا حُجَّةَ لَهُمْ فِيهِ لِأَنَّهُ خَبَرٌ مُجْمَلٌ فَسَّرَهُ غَيْرُهُ، لِأَنَّهُ إنَّمَا فِيهِ " فَلْيَجْلِدْهَا " وَلَمْ يَذْكُرْ فِيهِ عَدَدَ الْجَلْدِ كَمْ هُوَ؟ فَصَحَّ أَنَّهُ إنَّمَا أَحَالَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - بَيَانَ الْجَلْدِ الْمَأْمُورِ بِهِ فِيهِ عَلَى الْقُرْآنِ، وَعَلَى الْخَبَرِ الَّذِي فِيهِ بَيَانُ حُكْمِ الْمَمْلُوكِ فِي الْحُدُودِ، فَإِذْ هُوَ كَذَلِكَ، فَلَيْسَ سُكُوتُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ ذِكْرِ التَّغْرِيبِ فِي ذَلِكَ الْخَبَرِ: حُجَّةٌ فِي إبْطَالِ التَّغْرِيبِ الَّذِي قَدْ صَحَّ أَمْرُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِهِ فِيمَنْ زَنَى وَلَمْ يُحْصِنْ.

كَذَلِكَ لَيْسَ فِي سُكُوتِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ ذِكْرِ عَدَدِ جَلْدِهَا كَمْ هُوَ: حُجَّةٌ فِي إسْقَاطِ مَا قَدْ صَحَّ عَنْهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - مِنْ أَنَّ حَدَّهَا نِصْفُ حَدِّ الْحُرَّةِ.

وَأَيْضًا - فَإِنَّ هَذَا الْخَبَرَ، لَيْسَ فِيهِ: أَنْ لَا تَغْرِيبَ، وَلَا أَنَّ التَّغْرِيبَ سَاقِطٌ عَنْهَا، لَكِنَّهُ مَسْكُوتٌ عَنْهُ فَقَطْ، وَإِذَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ نَهْيٌ عَنْ تَغْرِيبِهَا، فَلَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ هَذَا الْخَبَرُ مُعَارِضًا لِلْأَخْبَارِ الَّتِي فِيهَا النَّفْيُ - وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ.

قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: وَقَالَ بَعْضُهُمْ: إنَّ حَقَّ السَّيِّدِ فِي خِدْمَةِ عَبْدِهِ وَأَمَتِهِ، وَحَقَّ أَهْلِ الْمَرْأَةِ فِيهَا، فَلَا يَجُوزُ قَطْعُ حُقُوقِهِمْ بِنَفْيِ الْعَبْدِ، وَالْأَمَةِ، وَالْمَرْأَةِ؟ فَيُقَالُ لَهُمْ: لَيْسَ بِشَيْءٍ، لِأَنَّ حَقَّ الزَّوْجَةِ وَالْوَلَدِ أَيْضًا فِي زَوْجِهَا وَابْنِهِمْ، فَلَا يَجُوزُ قَطْعُهُ بِنَفْيِهِمْ.

<<  <  ج: ص:  >  >>