للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالْيَوْمِ الآخِرِ} [البقرة: ٨] إلَى قَوْله تَعَالَى {فَمَا رَبِحَتْ تِجَارَتُهُمْ وَمَا كَانُوا مُهْتَدِينَ} [البقرة: ١٦] .

فَهَذِهِ أَوَّلُ آيَةٍ فِي الْقُرْآنِ فِيهَا ذِكْرُ الْمُنَافِقِينَ، وَلَيْسَ فِي شَيْءٍ مِنْهَا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَرَفَهُمْ، وَلَا عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَعْرِفْهُمْ، فَلَا مُتَعَلَّقَ فِيهَا لِأَحَدٍ مِنْ أَهْلِ الْقَوْلَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ.

قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا بِطَانَةً مِنْ دُونِكُمْ} [آل عمران: ١١٨] إلَى قَوْله تَعَالَى: {إِنَّ اللَّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ} [آل عمران: ١٢٠] فَفِي هَذِهِ الْآيَةِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ هَؤُلَاءِ الْقَوْمَ مُمْكِنٌ أَنْ يَكُونُوا مَعْرُوفِينَ، لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَخْبَرَنَا أَنَّهُمْ مِنْ غَيْرِنَا بِقَوْلِهِ تَعَالَى {مِنْ دُونِكُمْ} [آل عمران: ١١٨] فَإِذْ هُمْ مِنْ غَيْرِنَا فَمُمْكِنٌ أَنْ يَكُونُوا مِنْ الْيَهُودِ مَكْشُوفِينَ.

وَمُمْكِنٌ أَنْ يَكُونَ قَوْله تَعَالَى عَنْهُمْ أَنَّهُمْ {قَالُوا آمَنَّا} [البقرة: ١٤] أَيْ بِمَا عِنْدَهُمْ.

وَقَدْ يُمْكِنُ أَيْضًا: أَنْ يَكُونُوا مِنْ الْمُنَافِقِينَ الْمُظْهِرِينَ لِلْإِسْلَامِ.

وَمُمْكِنُ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَمَرَنَا أَنْ لَا نَتَّخِذَهُمْ بِطَانَةً إذَا أَطْلَعَنَا مِنْهُمْ عَلَى هَذَا، وَالْوَجْهُ الْأَوَّلُ أَظْهَرُ وَأَقْوَى لِظَاهِرِ الْآيَةِ.

وَإِذْ كِلْتَاهُمَا مُمْكِنٌ فَلَا مُتَعَلَّقَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ لِمَنْ ذَهَبَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَعْرِفُ الْمُنَافِقِينَ بِأَعْيَانِهِمْ، وَيَدْرِي أَنَّ بَاطِنَهُمْ النِّفَاقُ.

وَقَالَ تَعَالَى {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ} [النساء: ٦٠] إلَى قَوْله تَعَالَى: {حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ} [النساء: ٦٥] .

وَصَحَّ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «ثَلَاثٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ كَانَ مُنَافِقًا خَالِصًا» فِي كِتَابِ مُسْلِمٍ وَغَيْرِهِ «إذَا حَدَّثَ كَذَبَ وَإِذَا وَعَدَ أَخْلَفَ وَإِذَا اُؤْتُمِنَ خَانَ وَإِنْ صَامَ وَصَلَّى وَزَعَمَ أَنَّهُ مُسْلِمٌ» .

وَمِنْ طَرِيقِ مُسْلِمٍ أَيْضًا - نا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ قَالَا جَمِيعًا: نا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ نا الْأَعْمَشُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُرَّةَ عَنْ مَسْرُوقٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «أَرْبَعٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ كَانَ مُنَافِقًا

<<  <  ج: ص:  >  >>