للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نا أَحْمَدُ بْنُ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْخَالِقِ الْبَزَّارُ نا يَحْيَى بْنُ خَلَفٍ نا عَبْدُ الْأَعْلَى بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ، وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ، قَالَ عَبْدُ اللَّهِ عَنْ عَمْرَةَ بِنْتِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِيهِ، ثُمَّ اتَّفَقَ الْقَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ، وَعَمْرَةُ، كِلَاهُمَا عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ قَالَتْ: لَقَدْ نَزَلَتْ آيَةُ الرَّجْمِ وَالرَّضَاعَةِ، فَكَانَتَا فِي صَحِيفَةٍ تَحْتَ سَرِيرِي، فَلَمَّا مَاتَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تَشَاغَلْنَا بِمَوْتِهِ فَدَخَلَ دَاجِنٌ فَأَكَلَهَا؟ قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: وَهَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ وَلَيْسَ هُوَ عَلَى مَا ظَنُّوا، لِأَنَّ آيَةَ الرَّجْمِ إذْ نَزَلَتْ حُفِظَتْ، وَعُرِفَتْ، وَعَمِلَ بِهَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلَّا أَنَّهُ لَمْ يَكْتُبْهَا نُسَّاخُ الْقُرْآنِ فِي الْمُصْحَفِ، وَلَا أَثْبَتُوا لَفْظَهَا فِي الْقُرْآنِ، وَقَدْ سَأَلَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ ذَلِكَ - كَمَا أَوْرَدْنَا - فَلَمْ يُجِبْهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلَى ذَلِكَ.

فَصَحَّ نَسْخُ لَفْظِهَا وَبَقِيَتْ الصَّحِيفَةُ الَّتِي كُتِبَتْ فِيهَا - كَمَا قَالَتْ عَائِشَةُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - فَأَكَلَهَا الدَّاجِنُ، وَلَا حَاجَةَ بِأَحَدٍ إلَيْهَا.

وَهَكَذَا الْقَوْلُ فِي آيَةِ الرَّضَاعَةِ وَلَا فَرْقَ.

وَبُرْهَانُ هَذَا: أَنَّهُمْ قَدْ حَفِظُوهَا كَمَا أَوْرَدْنَا، فَلَوْ كَانَتْ مُثْبَتَةً فِي الْقُرْآنِ لَمَا مَنَعَ أَكْلُ الدَّاجِنِ لِلصَّحِيفَةِ مِنْ إثْبَاتِهَا فِي الْقُرْآنِ مِنْ حِفْظِهِمْ - وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ.

فَبِيَقِينٍ نَدْرِي أَنَّهُ لَا يَخْتَلِفُ مُسْلِمَانِ فِي أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى افْتَرَضَ التَّبْلِيغَ عَلَى رَسُولِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - قَدْ بَلَّغَ كَمَا أُمِرَ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ} [المائدة: ٦٧] .

وَقَالَ تَعَالَى {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} [الحجر: ٩] .

وَقَالَ تَعَالَى {سَنُقْرِئُكَ فَلا تَنْسَى - إِلا مَا شَاءَ اللَّهُ} [الأعلى: ٦ - ٧] وَقَالَ تَعَالَى {مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا} [البقرة: ١٠٦] فَصَحَّ أَنَّ الْآيَاتِ الَّتِي ذَهَبَتْ لَوْ أُمِرَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِتَبْلِيغِهَا لَبَلَّغَهَا، وَلَوْ بَلَّغَهَا لَحُفِظَتْ، وَلَوْ حُفِظَتْ مَا ضَرَّهَا مَوْتُهُ، كَمَا لَمْ يَضُرَّ مَوْتُهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - كُلَّ مَا بَلَّغَ فَقَطْ مِنْ الْقُرْآنِ، وَإِنْ كَانَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - لَمْ يُبَلِّغْ، أَوْ بَلَّغَهُ فَأُنْسِيه هُوَ وَالنَّاسُ، أَوْ لَمْ

<<  <  ج: ص:  >  >>