للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ السَّلَامِ الْخُشَنِيُّ نا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى نا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إدْرِيسَ الْأَوْدِيُّ نا لَيْثُ بْنُ أَبِي سُلَيْمٍ عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ: قَدِمْت الْمَدِينَةَ وَقَدْ أَجْمَعُوا عَلَى عَبْدٍ زَنَى - وَقَدْ أُحْصِنَ بِحُرَّةٍ - أَنَّهُ يُرْجَمُ، إلَّا عِكْرِمَةُ فَإِنَّهُ قَالَ: عَلَيْهِ نِصْفُ الْحَدِّ.

قَالَ مُجَاهِدٌ: وَإِحْصَانُ الْعَبْدِ أَنْ يَتَزَوَّجَ الْحُرَّةَ، وَإِحْصَانُ الْأَمَةِ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا الْحُرُّ - وَبِهَذَا يَأْخُذُ أَصْحَابُنَا كُلُّهُمْ.

وَقَالَ أَبُو ثَوْرٍ: الْأَمَةُ الْمُحْصَنَةُ وَالْعَبْدُ الْمُحْصَنُ عَلَيْهِمَا الرَّجْمُ، إلَّا أَنْ يَمْنَعَ مِنْ ذَلِكَ إجْمَاعٌ.

وَقَالَ الْأَوْزَاعِيِّ: إذَا أُحْصِنَ الْعَبْدُ بِزَوْجَةٍ حُرَّةٍ فَعَلَيْهِ الرَّجْمُ، وَإِنْ لَمْ يُعْتَقْ، فَإِنْ كَانَ تَحْتَهُ أَمَةٌ لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ الرَّجْمُ إنْ زَنَى وَإِنْ عَتَقَ - وَكَذَلِكَ قَالَ أَيْضًا: إذَا أُحْصِنَتْ الْأَمَةُ بِزَوْجٍ حُرٍّ فَعَلَيْهَا الرَّجْمُ، وَإِنْ لَمْ تُعْتَقْ، وَلَا تَكُونُ مُحْصَنَةً بِزَوْجِ عَبْدٍ.

وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ، وَمَالِكٌ، وَالشَّافِعِيُّ، وَأَحْمَدُ: حَدُّ الْعَبْدِ الْمُحْصَنِ، وَغَيْرِ الْمُحْصَنِ، وَالْأَمَةِ: لَا رَجْمَ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ؟

قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: فَلَمَّا اخْتَلَفُوا كَمَا ذَكَرْنَا وَجَبَ أَنْ نَنْظُرَ فِي ذَلِكَ فِيمَا احْتَجَّ بِهِ أَصْحَابُنَا لِقَوْلِهِمْ، فَوَجَدْنَاهُمْ يَقُولُونَ {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي} [النور: ٢] الْآيَةَ.

وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «الْبِكْرُ بِالْبِكْرِ جَلْدُ مِائَةٍ وَتَغْرِيبُ عَامٍ، وَالثَّيِّبُ بِالثَّيِّبِ جَلْدُ مِائَةٍ وَالرَّجْمُ» .

قَالُوا: فَجَاءَ الْقُرْآنُ وَالسُّنَّةُ بِعُمُومٍ لَا يَحِلُّ أَنْ يُخَصَّ مِنْهُ إلَّا مَا خَصَّهُ اللَّهُ تَعَالَى وَرَسُولُهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -، فَوَجَدْنَا النَّصَّ مِنْ الْقُرْآنِ وَالسُّنَّةِ قَدْ صَحَّ بِتَخْصِيصِ الْإِمَاءِ مِنْ جُمْلَةِ هَذَا الْحُكْمِ بِأَنَّ عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنْهُنَّ نِصْفَ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ الْحَرَائِرِ، وَكَذَلِكَ النَّصُّ الْوَارِدُ فِي الْأَمَةِ الَّتِي لَمْ تُحْصَنْ، فَخَصَّصْنَا الْإِمَاءَ بِالْقُرْآنِ وَالسُّنَّةِ، وَبَقِيَ الْعَبْدُ {وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيًّا} [مريم: ٦٤] .

وَبِيَقِينٍ نَدْرِي أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَوْ أَرَادَ أَنْ يَخُصَّ الْعَبِيدَ لَذَكَرَهُمْ كَمَا ذَكَرَ الْإِمَاءَ، وَلَمَا أَغْفَلَ ذَلِكَ، وَلَا أَهْمَلَهُ - وَالْقِيَاسُ كُلُّهُ بَاطِلٌ، وَدَعْوَى بِلَا بُرْهَانٍ.

<<  <  ج: ص:  >  >>