عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ فَمُنْقَطِعٌ أَقْبَحُ انْقِطَاعٍ لِأَنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ مَنْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَا حُجَّةَ عِنْدَنَا فِي مُرْسَلٍ، وَلَا عِنْدَ الشَّافِعِيِّ، فَلَا يَجُوزُ لَهُمْ أَنْ يَحْتَجُّوا عَلَيْنَا بِهِ، لِأَنَّنَا لَا نَقُولُ بِهِ أَصْلًا، فَيُلْزِمُونَا إيَّاهُ عَلَى أَصْلِنَا، وَهُمْ لَا يَقُولُونَ بِهِ فَيَحْتَجُّوا بِهِ عَلَى أُصُولِهِمْ؟ قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: ثُمَّ نَظَرْنَا فِي قَوْلِ مَنْ قَالَ " إنَّهُ لَا حَدَّ عَلَى الشَّاهِدِ سَوَاءٌ كَانَ وَحْدَهُ - لَا أَحَدَ مَعَهُ - أَوْ اثْنَيْنِ كَذَلِكَ، أَوْ ثَلَاثَةً كَذَلِكَ " فَوَجَدْنَاهُمْ يَقُولُونَ: قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً} [النور: ٤]
وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لِلْقَاذِفِ الْبَيِّنَةُ وَإِلَّا حَدٌّ فِي ظَهْرِكَ» .
فَصَحَّ يَقِينًا لَا مِرْيَةَ فِيهِ بِنَصِّ كَلَامِ اللَّهِ تَعَالَى وَكَلَامِ رَسُولِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّ الْحَدَّ إنَّمَا هُوَ عَلَى الْقَاذِفِ الرَّامِي، لَا عَلَى الشُّهَدَاءِ، وَلَا عَلَى الْبَيِّنَةِ.
وَقَدْ صَحَّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «إنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ وَأَعْرَاضَكُمْ وَأَبْشَارَكُمْ عَلَيْكُمْ حَرَامٌ كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا مِنْ شَهْرِكُمْ هَذَا» فَبَشَرَةُ الشَّاهِدِ حَرَامٌ بِيَقِينٍ لَا مِرْيَةَ فِيهِ، وَلَمْ يَأْتِ نَصُّ قُرْآنٍ، وَلَا سُنَّةٍ صَحِيحَةٍ، يُجْلَدُ الشَّاهِدُ فِي الزِّنَى إذَا لَمْ يَكُنْ مَعَهُ غَيْرُهُ - وَقَدْ فَرَّقَ الْقُرْآنُ؛ وَالسُّنَّةُ، بَيْنَ الشَّاهِدِ مِنْ الْبَيِّنَةِ وَبَيْنَ الْقَاذِفِ الرَّامِي، فَلَا يَحِلُّ أَلْبَتَّةَ أَنْ يَكُونَ لِأَحَدِهِمَا حُكْمُ الْآخَرِ - فَهَذَا حُكْمُ الْقُرْآنِ وَالسُّنَّةِ الثَّابِتَةِ.
وَأَمَّا الْإِجْمَاعُ - فَإِنَّ الْأَمَةَ كُلَّهَا مُجْمِعَةٌ - بِلَا خِلَافٍ مِنْ أَحَدٍ - عَلَى أَنَّ الشُّهُودَ إذَا شَهِدُوا وَاحِدًا بَعْدَ وَاحِدٍ، فَتَمُّوا عُدُولًا أَرْبَعَةً، فَإِنَّهُ لَا حَدَّ عَلَيْهِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute