للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

«أَنَّ نَفَرًا مِنْ عُكْلٍ قَدِمُوا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأَسْلَمُوا فَاجْتَوَوْا الْمَدِينَةَ فَأَمَرَهُمْ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ يَأْتُوا إبِلَ الصَّدَقَةِ فَيَشْرَبُوا مِنْ أَبْوَالِهَا وَأَلْبَانِهَا، فَفَعَلُوا، فَقَتَلُوا رَاعِيَهَا وَاسْتَاقُوهَا، فَبَعَثَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي طَلَبِهِمْ قَافَةً، فَأُتِيَ بِهِمْ، فَقَطَعَ أَيْدِيَهُمْ، وَأَرْجُلَهُمْ، وَسَمَلَ أَعْيُنَهُمْ، وَلَمْ يَحْسِمْهُمْ، وَتَرَكَهُمْ حَتَّى مَاتُوا فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى {إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ} [المائدة: ٣٣] »

الْآيَةَ. حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَبِيعٍ نا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ نا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ أَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ السَّرْحِ أَنَا ابْنُ وَهْبٍ أَخْبَرَنِي اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ ابْنِ عَجْلَانَ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ قَالَ: «إنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمَّا قَطَعَ الَّذِينَ سَرَقُوا لِقَاحَهُ، وَسَمَلَ أَعْيُنَهُمْ بِالنَّارِ، عَاتَبَهُ اللَّهُ تَعَالَى فِي ذَلِكَ فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى {إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ} [المائدة: ٣٣] الْآيَةَ» حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَبِيعٍ نا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ نا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى نا عَبْدُ الصَّمَدِ - هُوَ ابْنُ عَبْدِ الْوَارِثِ بْنِ سَعِيدٍ التَّنُّورِيُّ - نا هِشَامٌ - هُوَ الدَّسْتُوَائِيُّ - عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَحُثُّ فِي خُطْبَتِهِ عَلَى الصَّدَقَةِ، وَيَنْهَى عَنْ الْمُثْلَةِ قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: كُلُّ هَذَا لَا حُجَّةَ لَهُمْ فِيهِ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ فِي شَيْءٍ مِنْ فِعْلِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَقَوْلِهِ إنَّهُ مَنْسُوخٌ إلَّا بِيَقِينٍ مَقْطُوعٍ عَلَى صِحَّتِهِ، وَأَمَّا بِالظَّنِّ، الَّذِي هُوَ أَكْذَبُ الْحَدِيثِ فَلَا. فَنَقُولُ - وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ: أَمَّا الْحَدِيثُ الَّذِي صَدَّرْنَا بِهِ مِنْ طَرِيقِ أَبِي قِلَابَةَ عَنْ أَنَسٍ، فَلَيْسَ فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى نَسْخٍ أَصْلًا - لَا بِنَصٍّ وَلَا بِمَعْنًى - وَإِنَّمَا فِيهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَطَعَ أَيْدِي الْعُرَنِيِّينَ وَأَرْجُلَهُمْ، وَلَمْ يَحْسِمْهُمْ، وَسَمَلَ أَعْيُنَهُمْ، وَتَرَكَهُمْ حَتَّى مَاتُوا، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى آيَةَ الْمُحَارَبَةِ - وَهَذَا ظَاهِرٌ: أَنَّ نُزُولَ آيَةِ الْمُحَارَبَةِ ابْتِدَاءُ حُكْمٍ، كَسَائِرِ الْقُرْآنِ فِي نُزُولِهِ شَيْئًا بَعْدَ شَيْءٍ، أَوْ تَصْوِيبًا لِفِعْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - بِهِمْ؛ لِأَنَّ الْآيَةَ مُوَافِقَةٌ لِفِعْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - فِي قَطْعِ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلِهِمْ، وَزَائِدَةٌ عَلَى ذَلِكَ تَخْيِيرًا فِي الْقَتْلِ، أَوْ الصَّلْبِ، أَوْ النَّفْيِ - وَكَانَ مَا زَادَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى الْقَطْعِ مِنْ السَّمْلِ، وَتَرْكِهِمْ لَمْ يَحْسِمْهُمْ حَتَّى مَاتُوا قِصَاصًا بِمَا فَعَلُوا بِالرِّعَاءِ:

<<  <  ج: ص:  >  >>