إلَى طَالِبِ الدَّمِ مِنْ أَمْرِ مَنْ حَارَبَ الدِّينَ وَسَعَى فِي الْأَرْضِ فَسَادًا شَيْءٌ "
وَقَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ: وَقَالَ لِي سُلَيْمَانُ بْنُ مُوسَى مِثْلَ هَذَا سَوَاءً سَوَاءً حَرْفًا حَرْفًا. وَبِهِ - إلَى عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ الزُّهْرِيِّ قَالَ: عُقُوبَةُ الْمُحَارِبِ إلَى السُّلْطَانِ، لَا تَجُوزُ عُقُوبَةُ وَلِيِّ الدَّمِ ذَلِكَ إلَى الْإِمَامِ، قَالَ: وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَمَالِكٍ، وَالشَّافِعِيِّ، وَأَحْمَدَ، وَأَبِي سُلَيْمَانَ، وَأَصْحَابِهِمْ قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: وَبِهَذَا نَقُولُ؛ لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ فِي الْخَبَرَيْنِ اللَّذَيْنِ رُوِّينَاهُمَا مِنْ طَرِيقِ ابْنِ عَبَّاسٍ ذَكَرْنَاهُمَا فِي " كِتَابِ الْحَجِّ " " وَكِتَابِ الصِّيَامِ " " وَبَابِ وُجُوبِ قَضَاءِ الْحَجِّ الْوَاجِبِ ". " وَقَضَاءِ الصِّيَامِ الْوَاجِبِ عَنْ الْمَيِّتِ ".
«اقْضُوا اللَّهَ فَهُوَ أَحَقُّ بِالْوَفَاءِ، دَيْنُ اللَّهِ أَحَقُّ أَنْ يُقْضَى» . وَبِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - فِي حَدِيثِ بُرَيْدَةَ «كِتَابُ اللَّهِ أَحَقُّ وَشَرْطُ اللَّهِ أَوْثَقُ» قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: فَلَمَّا اجْتَمَعَ حَقَّانِ: أَحَدُهُمَا لِلَّهِ، وَالثَّانِي لِوَلِيِّ الْمَقْتُولِ - كَانَ حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى أَحَقَّ بِالْقَضَاءِ وَدَيْنُهُ أَوْلَى بِالْأَدَاءِ، وَشَرْطُهُ الْمُقَدَّمُ فِي الْوَفَاءِ عَلَى حُقُوقِ النَّاسِ، فَإِنْ قَتَلَهُ الْإِمَامُ، أَوْ صَلَبَهُ لِلْمُحَارَبَةِ، كَانَ لِلْوَلِيِّ أَخْذُ الدِّيَةِ فِي مَالِ الْمَقْتُولِ؛ لِأَنَّ حَقَّهُ فِي الْقَوَدِ قَدْ سَقَطَ، فَبَقِيَ حَقُّهُ فِي الدِّيَةِ، أَوْ الْعَفْوِ عَنْهَا، عَلَى مَا بَيَّنَّا فِي " كِتَابِ الْقِصَاصِ " وَلِلَّهِ الْحَمْدُ. فَإِنْ اخْتَارَ الْإِمَامُ قَطْعَ يَدِ الْمُحَارِبِ، وَرِجْلِهِ، أَوْ نَفْيِهِ: أَنْفَذَ ذَلِكَ، وَكَانَ حِينَئِذٍ لِلْوَلِيِّ الْخِيَارُ فِي قَتْلِهِ، أَوْ الدِّيَةِ، أَوْ الْمُفَادَاةِ، أَوْ الْعَفْوِ؛ لِأَنَّ الْإِمَامَ قَدْ اسْتَوْفَى مَا جَعَلَ اللَّهُ تَعَالَى لَهُ الْخِيَارَ فِيهِ - وَلَيْسَ هَاهُنَا شَيْءٌ يُسْقِطُ حَقَّ الْوَلِيِّ، إذْ مُمْكِنٌ لَهُ أَنْ يَسْتَوْفِيَ حَقَّهُ بَعْدَ اسْتِيفَاءِ حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى.
وَلَقَدْ تَنَاقَضَ هَاهُنَا الْحَنَفِيُّونَ، وَالْمَالِكِيُّونَ، أَسْمَجَ تَنَاقُضٍ؛ لِأَنَّهُمْ لَا يَخْتَلِفُونَ فِي الْحَجِّ، وَالصِّيَامِ، وَالزَّكَاةِ، وَالْكَفَّارَاتِ، وَالنُّذُورِ، بِأَنَّ حُقُوقَ النَّاسِ أَوْلَى مِنْ حُقُوقِ اللَّهِ تَعَالَى - وَأَنَّ دُيُونَ الْغُرَمَاءِ أَوْجَبُ فِي الْقَضَاءِ مِنْ دُيُونِ اللَّهِ تَعَالَى، وَأَنَّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute