للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَلَى خَائِنٍ - فَسَقَطَ بِذَلِكَ الْقَطْعُ عَنْ كُلِّ مَنْ اُؤْتُمِنَ، وَسَقَطَ الْقَطْعُ عَنْ حَرِيسَةِ الْجَبَلِ، وَالتَّمْرِ الْمُعَلَّقِ، حَتَّى يُؤْوِيهِمَا الْجَرِينُ، وَالْمِرَاحُ، وَهُوَ حِرْزُهُمَا.

وَقَالُوا: مَا وُجِدَ فِي غَيْرِ حِرْزٍ فَإِنَّمَا هُوَ لُقَطَةٌ قَدْ أُبِيحَ أَخْذُهَا وَتَحْصِينُهَا، وَقَالُوا: قَدْ جَاءَ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، وَعَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، وَزَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ: أَنَّهُ لَا قَطْعَ عَلَى مُخْتَلِسٍ - وَلَا يُعْرَفُ لَهُمْ مِنْ الصَّحَابَةِ مُخَالِفٌ، فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى اعْتِبَارِ الْحِرْزِ: فَنَظَرْنَا فِي ذَلِكَ فَوَجَدْنَاهُ لَا حُجَّةَ لَهُمْ فِي شَيْءٍ مِنْهُ: أَمَّا الْخَبَرَانِ اللَّذَانِ ذَكَرْنَا فَلَا يَصِحُّ مِنْهُمَا وَلَا وَاحِدٌ.

أَمَّا حَدِيثُ حَرِيسَةِ الْجَبَلِ، وَالتَّمْرِ الْمُعَلَّقِ، فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّ أَحَدَ طَرِيقَيْهِ مِنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ مُرْسَلٌ، وَالْأُخْرَى: هِيَ أَيْضًا أَسْقَطُ، مُرْسَلَةً - مِنْ طَرِيقِ ابْنِ أَبِي حُسَيْنٍ - وَلَا حُجَّةَ فِي مُرْسَلٍ - وَالْأُخْرَى: مِمَّا انْفَرَدَ بِهِ عَمْرُو بْنُ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ - وَهِيَ صَحِيفَةٌ لَا يُحْتَجُّ بِهَا - فَهَذَا وَجْهٌ يَسْقُطُ بِهِ. وَدَلِيلٌ آخَرُ - أَنَّهُ لَوْ صَحَّ لَكَانَ عَلَيْهِمْ لَا لَهُمْ؛ لِأَنَّهُمْ كُلَّهُمْ - يَعْنِي الْحَاضِرِينَ مِنْ الْمُخَالِفِينَ - مُخَالِفُونَ، لِمَا فِيهِ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ فِيهِ: أَنَّ مَنْ خَرَجَ بِشَيْءٍ مِنْ التَّمْرِ الْمُعَلَّقِ فَفِيهِ غَرَامَةُ مِثْلَيْهِ - وَهُمْ لَا يَقُولُونَ بِهَذَا.

وَكَذَلِكَ إذَا آوَاهُ الْجَرِينُ فَلَمْ يَبْلُغْ ثَمَنَ الْمِجَنِّ فَفِيهِ أَيْضًا غَرَامَةُ مِثْلَيْهِ، وَهُمْ لَا يَقُولُونَ بِهَذَا أَيْضًا.

وَفِيهِ أَيْضًا: أَنَّ فِي حَرِيسَةِ الْجَبَلِ غَرَامَةُ مِثْلِهَا، وَأَنَّ فِيهَا غَرَامَةُ مِثْلَيْهَا، وَأَنَّ فِيهَا - إنْ آوَاهُ الْمِرَاحُ فَلَمْ يَبْلُغْ ثَمَنَ الْمِجَنِّ - غَرَامَةُ مِثْلَيْهَا، فَهُمْ قَدْ خَالَفُوا هَذَا الْخَبَرَ الَّذِي احْتَجُّوا بِهِ فِي أَرْبَعَةِ مَوَاضِعَ مِنْ أَحْكَامِهِ، فَكَيْفَ يَسْتَجِيزُ ذُو وَرَعٍ يَدْرِي أَنَّ كَلَامَهُ مَحْسُوبٌ عَلَيْهِ، وَأَنَّهُ مُحَاسَبٌ بِهِ يَخَافُ لِقَاءَ اللَّهِ تَعَالَى، وَيَهَابُ عِقَابَهُ، أَنْ يَحْتَجَّ بِخَبَرٍ هُوَ يُصَحِّحُهُ، وَيُخَالِفُهُ فِي أَرْبَعَةِ أَحْكَامٍ مِنْ أَحْكَامِهِ، عَلَى مَنْ لَا يُصَحِّحُهُ أَصْلًا، فَلَا يَرَاهُ حُجَّةً، وَهَلْ فِي التَّعْجِيلِ بِالْإِثْمِ، وَالْفَضِيحَةِ الْعَاجِلَةِ أَكْثَرُ مِنْ هَذَا؟ فَإِنْ ادَّعَوْا فِي تَرْكِ هَذِهِ الْأَحْكَامِ الْأَرْبَعَةِ إجْمَاعًا؟ كَذَبُوا؛ لِأَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَدْ حَكَمَ بِهَا بِحَضْرَةِ الصَّحَابَةِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - لَا يُعْرَفُ مِنْهُمْ لَهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>