فَرُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ الْبُخَارِيِّ نا أَبُو الْوَلِيدِ - هُوَ الطَّيَالِسِيُّ - وَاللَّيْثُ هُوَ ابْنُ سَعْدٍ - عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ «أَنَّ قُرَيْشًا أَهَمَّتْهُمْ الْمَرْأَةُ الْمَخْزُومِيَّةُ الَّتِي سَرَقَتْ - فَذَكَرَ الْحَدِيثَ - وَفِيهِ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَامَ فَخَطَبَ فَقَالَ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ إنَّمَا ضَلَّ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ أَنَّهُمْ كَانُوا إذَا سَرَقَ الشَّرِيفُ تَرَكُوهُ وَإِذَا سَرَقَ الضَّعِيفُ فِيهِمْ أَقَامُوا عَلَيْهِ الْحَدَّ، وَاَيْمُ اللَّهِ لَوْ أَنَّ فَاطِمَةَ بِنْتَ مُحَمَّدٍ سَرَقَتْ لَقَطَعَ مُحَمَّدٌ يَدَهَا»
مِنْ طَرِيقِ الْبُخَارِيِّ نا مُوسَى بْنُ إسْمَاعِيلَ نا عَبْدُ الْوَاحِدِ الْأَعْمَشُ قَالَ: سَمِعْت أَبَا صَالِحٍ سَمِعْت أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَعَنَ اللَّهُ السَّارِقَ يَسْرِقُ الْبَيْضَةَ فَتُقْطَعُ يَدُهُ، وَيَسْرِقُ الْحَبْلَ فَتُقْطَعُ يَدُهُ» ؟ قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: فَقَضَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِقَطْعِ السَّارِقِ جُمْلَةً وَلَمْ يَخُصَّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - حِرْزًا مِنْ غَيْرِ حِرْزٍ {وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى} [النجم: ٣] {إِنْ هُوَ إِلا وَحْيٌ يُوحَى} [النجم: ٤] ، {وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيًّا} [مريم: ٦٤]
وَقَالَ تَعَالَى {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ} [المائدة: ٣] .
وَقَالَ تَعَالَى {لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ} [النحل: ٤٤] .
وَنَحْنُ نَشْهَدُ بِشَهَادَةِ اللَّهِ تَعَالَى أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ لَوْ أَرَادَ أَنْ لَا يَقْطَعَ السَّارِقَ حَتَّى يَسْرِقَ مِنْ حِرْزٍ وَيُخْرِجَهُ مِنْ الدَّارِ لَمَا أَغْفَلَ ذَلِكَ، وَلَا أَهْمَلَهُ، وَلَا أَعْنَتَنَا بِأَنْ يُكَلِّفَنَا عِلْمَ شَرِيعَةٍ لَمْ يُطْلِعْنَا عَلَيْهِ، وَلَبَيَّنَهُ عَلَى لِسَانِ رَسُولِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إمَّا فِي الْوَحْيِ، وَإِمَّا فِي النَّقْلِ الْمَنْقُولِ.
فَإِذْ لَمْ يَفْعَلْ اللَّهُ تَعَالَى ذَلِكَ، وَلَا رَسُولُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَنَحْنُ نَشْهَدُ، وَنَبُتُّ، وَنَقْطَعُ - بِيَقِينٍ لَا يُمَازِجُهُ شَكٌّ - أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَمْ يُرِدْ قَطُّ، وَلَا رَسُولُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اشْتِرَاطَ الْحِرْزِ فِي السَّرِقَةِ.
إذْ لَا شَكَّ فِي ذَلِكَ فَاشْتِرَاطُ الْحِرْزِ فِيهَا بَاطِلٌ بِيَقِينٍ لَا شَكَّ فِيهِ، وَشَرْعٌ لِمَا لَمْ يَأْذَنْ اللَّهُ تَعَالَى بِهِ، وَكُلُّ مَا ذَكَرْنَا فَإِنَّمَا يَلْزَمُ مَنْ قَامَتْ عَلَيْهِ الْحُجَّةُ وَوَقَفَ عَلَى مَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute